مما لا شك فيه، ووفقاً لملاحظات الخبراء المعنيين بأمور التكنولوجيا والذكاء الاصطناعي، أن إنجازات دولة الإمارات العربية المتحدة في هذا المجال قد حققت قفزات ونجاحات غير مسبوقة على مستوى منطقة الشرق الأوسط، لدرجة أصبحت معها التكنولوجيا وتقنيات الذكاء الاصطناعي أسلوبَ حياة في جميع مناحي واقع الدولة ويوميات الناس فيها، فباتت هذه التكنولوجيا وتقنياتها سمة غالبة في التعاملات الاجتماعية وممارسات الحياة اليومية. وهكذا نجد أن الإمارات استطاعت أن تحجز لنفسها موقعاً مهماً في المراكز الدولية المتقدمة على هذا الصعيد تحديداً.

وربما بالإمكان هنا أن نشير إلى مثال حي ماثل للجميع، ألا وهو اعتماد نظام الحكومة الإلكترونية في الدولة منذ مطلع القرن الحالي، وذلك في معظم المعاملات الرسمية، أي المعاملات المتعلقة بالدوائر الحكومية، المحلية والاتحادية معاً، والابتعاد تدريجياً عن كل ما له علاقة بالتعامل الورقي الذي بات أسلوباً قديماً ومعقداً في آن معاً بالنسبة للأجيال الجديدة في الإمارات.

لقد كانت بحق تجربةً رائعةً وناجحة بكل المقاييس، لاسيما وقد أضافت بعداً جديداً ومريحاً جداً، إذ أصبح بفضلها تنفيذ التعاملات الرسمية على صعيد مؤسسات الدولة أسرعَ وأكثر يسراً.. وهو أمر له أهميته الكبيرة، الإنسانية والاقتصادية والبيئية، بلا أدنى شك.

ومن ناحية أخرى، ينبغي القول بأن التحول الرقمي الذي تنجزه الإمارات يؤسس لمستقبل باهر أقله على صعيد تحقيق الاستدامة في تغليب الأساليب التكنولوجية لخدمة الإنسان والبيئة الطبيعية، كما يؤسس لحياة جديدة تواكب مقتضيات عصر الثورة الرقمية الذي يعيشه العالم المتقدم، هذا العصر الذي إنْ لم تواكبه الدول والمجتمعات فسوف يفوتها الكثير على الصعيد المعرفي والتقني.

وموضوع الذكاء الاصطناعي من الموضوعات الحيوية التي يتوجب على الدول والحكومات في منطقتنا أن تنتبه لها، وذلك بالنظر لما تشكله سوق تقنيات الذكاء الاصطناعي على المستوى العالمي من أهمية كبيرة وحجم هائل. وعلى ضوء هذه الحقائق، اختارت دولة الإمارات الاختيار الصحيح، وتبنّت سياساتٍ ورؤىً مستقبليةً صائبةً ورشيدةً، واحتضنت العديد من المؤتمرات والمشروعات العلمية المعنية بالذكاء الاصطناعي.

وينبغي لدولنا الخليجية أن تكثف التنسيق والتعاون البيني في مجال الذكاء الاصطناعي الذي يزداد أهميةً يوماً بعد يوم، وأن تحذو حذو دولة الإمارات في مسعاها الكبير على مستوى الذكاء الاصطناعي، والاستفادة من خبراتها ومن تعاونها مع أشقائها في دول الخليج العربي، في هذا المجال، بما يحقق المصلحةَ العامة لدول المجلس ككل.

*كاتب كويتي