تُعد «أميرة ويلز» كاثرين واحدة من أكثر أفراد العائلة المالكة البريطانية شعبية، بل إنها الأكثر شعبية، وفقاً لاستطلاع رأي أُجري في وقت سابق من هذا الشهر، حتى مع كثافة نظريات المؤامرة بشأن صحتها. إنها الحسناء من عامة الشعب التي تزوجت من أمير ولديها عائلة جميلة.

خلقت لنفسها دوراً كمدافعة عن تنمية الطفولة المبكرة. تبدو سهلة المعشر، وكثيراً ما جسّدت الصحة واللياقة البدنية. ومن الواضح أنه بعد تشخيصها الصادم بالسرطان، ستأخذ استراحة من الواجبات العامة لبعض الوقت -- حتى في الوقت الذي انشغل فيه والد زوجها الملك تشارلز الثالث في صراعه الخاص مع مرض السرطان. وخلال عطلة نهاية الأسبوع، أصدر قصر كينسينغتون بياناً قال فيه إن كاثرين والأمير ويليام «تأثرا كثيراً بالرسائل الرقيقة» التي تواصلا بها وإنهما «ممتنان» لتفهم الجمهور لطلبهما للخصوصية.

الضربة المزدوجة للسرطان تثير أسئلة حول مؤسسة تتعرض لضغوط في وقت تضاءل فيه عدد أفرادها الذين يقومون بأنشطة علنية. وبعد أقل من عام على تتويج تشارلز، يواجه اثنان من أكبر أفراد العائلة المالكة مخاوف صحية خطيرة – في وقت ما زالت فيه الأمة متأثرة بوفاة الملكة إليزابيث الثانية التي حكمت البلاد لفترة طويلة.

وفي هذا الصدد، يقول كاتب سيرة العائلة الملكية هوجو فيكرز: «هذا ليس خطأهم، ولكن لا يوجد ما يكفي منهم». وأضاف أن كاثرين كانت «أساسية بالنسبة للعائلة المالكة.... من هي الشخصية التي ستقف في الشارع لرؤيتها تمر؟

إنها «كاثرين». وفي الأثناء، كانت البلاد قد بدأت للتو في التعود على غياب إليزابيث ونهاية سنواتها السبعين على العرش. وفي هذا السياق، يقول المؤرخ الملكي بجامعة لندن كريج بريسكوت إن عهد إليزابيث كان «مثل سفينة تبحر بسلاسة إلى حد ما، مع ظهور مياه هائجة من حين لآخر، غير أنه كان لدى المرء دائماً شعور بوجود عائلة ملكية على العرش».

أما الآن، فيبدو كما لو أن «السفينة نفسها باتت تواجه بعض الصعوبات». تشارلز بالطبع هو أهم عضو في العائلة المالكة، وهو ما زال يؤدي مهامه الدستورية في الكواليس، وقد رآه الجمهور في الأسابيع الأخيرة. ولكن وليام وكاثرين، اللذين يُعدان الصلة الرئيسة التي تربط المؤسسة الملكية بالأجيال الشابة، هما اللذان يتصدران استطلاعات الرأي بخصوص الشعبية. وربما أحد الأسباب التي تجعل المؤسسة تبدو أكثر اضطراباً هو أن القصر كان أكثر شفافية بشأن القضايا الصحية -- وإن ما زال من دون المعايير الحديثة، وفقا للعديد من المراقبين المتابعين للعائلة الملكية.

وعلى سبيل المقارنة، ففي أوائل الخمسينيات ظل سرطان الرئة الذي أُصيب به الملك جورج السادس بعيداً عن المجال العام، ولم يكن ورثته ولا رعاياه على علم بمدى خطورة الأمر وكانت وفاته صادمة. وحينما كانت إليزابيث تعاني من مشاكل صحية، كان يعلن عن ذلك عموماً باستخدام عبارات فضفاضة -- كأن يقول القصر إنها تعاني من «بعض الانزعاج» أو «مشاكل في الحركة». قصر باكنغهام وقصر كنسينغتون لم يكشفا عن نوع السرطان الذي أصيب به تشارلز وكاثرين، مثلما لم يكشفا عن معلومات حول نتيجة التشخيص.

ولكن عمليات التشخيص هذه تثير أسئلة حول من سيتولى مسؤوليات إضافية أثناء خضوعهما للعلاج. وفي هذا السياق، يقول جو ليتل، مدير تحرير مجلة «ماجيستي»: «لقد بقيت هناك مجموعة صغيرة جداً، وهنا تكمن المشكلة»، مضيفاً «أنا متأكد من أن مراجعة كبيرة لنشاط أفراد العائلة المالكة تجري حاليا في الكواليس لأن عدد الأشخاص الموجودين صار أقل».

قبل توليه الحكم، كان يقال إن تشارلز أشار إلى إنه يريد نظاماً ملكياً «نحيفاً» -- ربما ليس بنحافة بعض «الملكيات التي يقود أفرادها الدراجة» في بعض البلدان الإسكندنافية -- ذا نواة أصغر من أفراد العائلة المالكة العاملين. التوقعات بأن يقلّص عدد أفراد العائلة المالكة المنخرطين لم تتحقق حتى الآن، ولكن أعداد أفراد العائلة المالكة العاملين كانت بدأت في الانخفاض بالفعل في السنوات الأخيرة.

فإليزابيث وزوجها الأمير فيليب توفيا. والأمير هاري وميغان، دوقة ساسكس، شدا الرحال إلى كاليفورنيا. والأمير أندرو ألقي به في «البرية» الملكية بعد أن قام بتسوية دعوى قضائية مع فيرجينيا جوفر. ولعل المثير للمفارقة والسخرية أن الملكة كاميلا، التي كان يُنظر إليها في السابق على أنها تهديد للملكية، كانت من أكثر أفراد العائلة المالكة نشاطاً في الأسابيع الأخيرة، إذ حضرت العديد من المناسبات بمفردها وألقت خطابات ووزعت أوسمة.

ومن المتوقع أيضاً أن يضطلع ويليام ببعض الأنشطة، ولكن والده وزوجته مصابان بالسرطان ولديه ثلاثة أطفال صغار. وإذا كان المسؤولون لم يعطوا تفاصيل كثيرة حول الحالة الصحية لكاثرين أو تشارلز، فإن الرسائل كانت تبعث على التفاؤل. فقد أعلن رئيس الوزراء ريشي سوناك أن سرطان تشارلز «اكتُشف مبكراً»، وإن كان قصر باكنغهام لم يؤكد ذلك.

وأوضحت كاثرين أنها تتلقى «علاجاً كيميائياً وقائياً» وقالت «إنني بخير وأتعافى وأزداد قوة كل يوم». بادي هارفيرسون، المتحدث السابق باسم وليام وكاثرين، نفى أن تكون المؤسسة «هشة». وقال في حديث لهيئة الإذاعة البريطانية «بي بي سي» يوم الأحد، إنه من الآن فصاعداً، «على الأمة ووسائل الإعلام وكل من يتابع هذا الأمر التكيف مع عائلة أصغر حجماً ولكنها عائلة ما زالت مشغولة جداً بما تفعله بطريقتها الخاصة».

ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست لايسنسينج آند سيندكيشن»