قام رئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي بزيارة إلى بوتان دامت يوماً واحداً من أجل التأكيد على العلاقات الوثيقة بين الهند وبوتان. زيارته، التي أتت في خضم حملة انتخابية في وقت تتجه فيه الهند نحو انتخابات عامة، تشير بوضوح إلى الأهمية التي توليها نيودلهي لعلاقاتها مع تيمفو. وخلال هذه الزيارة، وشّح الملك جيغمي كايسر وانغتشوك رئيسَ الوزراء مودي بأسمى وسام في بوتان (وسام درول غيالبو) تكريماً له على إنجازاته، وهو أول مواطن أجنبي على الإطلاق يتم تكريمه بهذا الوسام الرفيع.
وفي كلمته، وصف مودي العلاقات بين الهند وبوتان بـ «المتينة وغير القابلة للكسر». وسيتعين على الهند وبوتان التأكيد بشكل أكبر على هذه العلاقات القوية خلال الأيام المقبلة في مواجهة التحديات التي تعرفها المنطقة. وخلال هذه الزيارة، قام مودي رفقة نظيره البوتاني داشو تشيرنغ توبغاي بافتتاح «مستشفى الأم والطفل».
وخلال زيارة مودي، تم الإعلان أيضاً عن أن الهند ستضاعف مساعداتها لبوتان لتصل إلى 100 مليار روبية. كما وقّع البلدان على 7 مذكرات تفاهم واتفاقيات، بما في ذلك اتفاقية حول إنشاء خط للسكك الحديدية بين الجانبين. وشملت هذه الاتفاقيات مجالات مثل النفط والتجارة والربط الرقمي والفضاء والزراعة. كما أصدر الجانبان بيان رؤية مشتركة تتعلق بشراكتهما في مجال الطاقة، متعهدين بأمن الطاقة في المنطقة.
ومما لا شك فيه أن زيارة رئيس الوزراء الهندي إلى بوتان كانت مهمة لأنها أتت في إطار التنسيق الوثيق بين البلدين منذ الاستقلال. فقد كان هناك تبادل مستمر للزيارات بينهما يؤكد على أهمية علاقاتهما الثنائية. ففي نوفمبر من العام الماضي، زار ملك بوتان الهند، وبعد شهر على تلك الزيارة، أطلق مشروعاً لبناء مدينة جديدة قرب مدينة جيليفو ذات طراز معماري بوتاني فريد من نوعه على مساحة 1000 كيلومتر مربع، وستكون منطقة إدارية خاصة بقوانين حرة صديقة للمستثمرين. كما زار رئيس وزراء بوتان توبجاي نيودلهي والتقى مع كل من الرئيس ورئيس الوزراء الهنديين.
وقد موّلت الهندُ العديدَ من مشاريع الطاقة الكهرومائية التي يتم من خلالها بيع الطاقة إلى الهند. ويُعد تطوير الطاقة الكهرومائية مجالاً مهماً للتعاون بالنسبة لبوتان، بل يمثّل محور التنمية الاجتماعية والاقتصادية في بوتان. والتعاون في قطاع الطاقة الكهرومائية بين البلدين تؤطّره اتفاقية التعاون الثنائي لعام 2006 وبروتوكولها الملحق الموقع في عام 2009. وتشتري الهند الطاقة من 4 مشاريع للطاقة الكهرومائية في بوتان تبلغ طاقتها الإجمالية 2136 ميجاوات. كما تعمل الهند على تسهيل تبادل الطاقة الكهرومائية مع النيبال، إلى جانب بنغلاديش وسريلانكا، من أجل إنشاء شبكة إقليمية من شأنها المساعدة في التكامل الاقتصادي للمنطقة وتقاسم مواردها. وخلال هذه الزيارة، اتفق مودي وتوبجاي على أن الشراكة بين الهند وبوتان في مجال الطاقة يمكن أن تعود بالنفع على البلدين من خلال تعزيز أمن الطاقة، وتقوية اقتصادهما، وخلق الوظائف، ودعم عائدات التصدير، والمساهمة في زيادة تطوير القدرات الصناعية والمالية.
تشترك الهند مع بوتان في حدود يبلغ طولها 605 كيلومترات، وهي أكبر شريك تجاري لها. وفي الهند، يُنظر إلى هذه المملكة النائية الواقعة في جبال الهيمالايا على أنها منطقة عازلة بين الهند والصين. ورغم أن لدى المملكة علاقات وثيقة مع الهند، إلا أنها حافظت في الوقت نفسه على علاقات ودية مع الصين أيضاً. وحتى الآن، ليست لدى بوتان علاقات دبلوماسية مع بكين، غير أنه مؤخراً كانت هناك نقاشات داخلية حول إقامة علاقات دبلوماسية معها.
*رئيس مركز الدراسات الإسلامية - نيودلهي