قرابة مليار شخص يحقّ لهم التصويت في الانتخابات العامة الهندية التي بدأت يوم الجمعة الماضي، وتستمر لأكثر من شهر. استحقاق يجري في أكبر انتخابات ديمقراطية في تاريخ البشرية. يتواجه في هذه الانتخابات حزب «بهاراتيا جاناتا» الحاكم، بزعامة رئيس الوزراء المنتهية ولايته ناريندرا مودي، و«التحالف الوطني الهندي للتنمية الشاملة»، وهو عبارة عن ائتلاف يضم أكثر من عشرين حزباً معارضاً.

وكان حزب «بهاراتيا جاناتا» حصل في انتخابات 2019 على 303 مقاعد من أصل مقاعد البرلمان البالغ عددها 543، في حين تقلص عدد مقاعد حزب المعارضة الرئيسي «المؤتمر الوطني الهندي» إلى 52 مقعدا فقط. وفي 2024، يهدف حزب «بهاراتيا جاناتا» إلى الفوز بـ370 مقعداً، أمر يقول المحللون السياسيون، إن الحزب بات في وضع جيد لتحقيقه بالنظر إلى الشعبية التي يتمتع بها الحزب وإمكانياته المالية الكبيرة. غير أن أعضاء «التحالف» يتحدّون حزب «بهاراتيا جاناتا» بخصوص قضايا، مثل ارتفاع معدلات البطالة.  ويقول خبراء إن الانتخابات القادمة ستكون بمثابة اختبار حقيقي لقيمها الديمقراطية، ومدى التزام البلاد بالتشبث بالمبادئ المنصوص عليها في دستورها.

وبـ968.8 مليون ناخب مسجل - بما في ذلك 26.3 مليون ناخب سيصوّتون لأول مرة - ستمثّل هذه الانتخابات إنجازاً لوجستياً كبيراً في حال مضت الأمور بسلاسة.

وتجرى الانتخابات المؤلفة من 7 مراحل على مدى 44 يوماً، تبدأ في 19 أبريل بالتصويت في 102 دائرة انتخابية برلمانية، على أن تظهر النتائج في 4 يونيو. وسيُستدعى أكثر من 15 مليون موظف للإشراف على تشغيل أكثر من 5 ملايين جهاز تصويت إلكتروني في أكثر من مليون مركز اقتراع مختلف. ولضمان إجراء انتخابات في ظروف جيدة وأجواء سلمية، اتُّخذت تدابير أمنية مشددة، بما في ذلك نشر القوات الأمنية. ووفقاً لخبراء، من المتوقع أيضاً أن تكون هذه الانتخابات الأعلى تكلفة على مستوى العالم، إذ من المتوقع أن تتجاوز الأموال التي ستنفقها الأحزاب السياسية والمرشحون الـ14.4 مليار دولار أميركي التي أُنفقت على الانتخابات الرئاسية الأميركية وسباق الكونجرس الأميركي في 2020.

وقد تم حتى الآن تحويل ملياري دولار من خلال نظام السندات الانتخابية الهندي، وهو برنامج لم يعد قائماً الآن اعتمدته حكومة حزب «بهاراتيا جاناتا» في 2017، ما مكّن المانحين المجهولين - بما في ذلك الشركات - من تمويل الأحزاب السياسية. ولكن في فبراير الماضي، قررت المحكمة العليا الهندية إلغاء السندات الانتخابية بسبب مخاوف من تغذية الفساد، وقد أكدت البيانات التي تم الكشف عنها بعيد ذلك أن حزب «بهاراتيا جاناتا» كان المستفيد الرئيسي. إذ تشير تقارير لجنة الانتخابات الهندية إلى أن حزب «بهاراتيا جاناتا» حصل على 82.5 مليار روبية (قرابة مليار دولار أميركي) من أصل ما قيمته ملياري دولار من السندات بيعت بين 2018 و2024. وبالمقابل، لم يتلقَ حزب المعارضة الرئيسي «حزب المؤتمر الوطني» سوى 19.5 مليار روبية (2.38 مليون دولار) خلال الفترة نفسها. فالبرنامج الانتخابي لحزب «بهاراتيا جاناتا» القومي الهندوسي والمؤيد للشركات وقطاع المال والأعمال، على سبيل المثال، جعله تقليدياً يحظى بشعبية بين الهندوس المنتمين إلى الطبقة العليا. غير أنه في عهد مودي، عمل حزب «بهاراتيا جاناتا» على توسيع جاذبيته الانتخابية من خلال برامج الرعاية الاجتماعية لاستهداف الناخبين المنتمين إلى الطبقات الدنيا، وهو ما ساعد حزبه على تحقيق اختراقات كبيرة في كتلة انتخابية مهمة.

بيانات الإحصاء السكاني الهندي لا تُظهر تفاصيل التركيبة السكانية حسب الانتماء الطبقي، ولكن وفقا للتقديرات، فإن أكثر من 40 في المئة من السكان يُعرّفون بأنهم «ينتمون إلى طبقات متخلفة أخرى». من جانبها، تعمل المعارضة بنشاط على مغازلة الناخبين المنتمين إلى الطبقات الدنيا عبر الدعوة إلى إجراء مسح على المستوى الوطني حول التوزيع السكاني والتركيبة السكانية لمختلف المجموعات الطبقية. ويُعد التعداد الطبقي موضوعاً ساخناً ومثيراً للجدل يرى منتقدوه أنه ينمّ عن التمييز، ولكن المؤيدين له يقولون إنه سيساعد على معالجة التفاوت الطبقي الحالي. وفي هذا الصدد، أعلن غاندي في تجمع عام عقد مؤخراً أنه إذا وصل «حزب المؤتمر» إلى السلطة في هذه الانتخابات، فإنه سيقوم على الفور بإجراء تعداد طبقي في الهند.

ينشر بترتيب خاص مع خدمة «كريستيان ساينس مونيتور»