*عميد السفراء الأفارقة في الإمارات: رحلة رواندا الرائعة من أعماق اليأس إلى منارة الأمل والتقدم هي شهادة على روح شعب لا تقهر
*«سيرج رويجامبا»: الشعب الرواندي يستفيد من قيادة حكيمة وجهت البلاد نحو المصالحة والتسامح

في 7 أبريل من كل عام تحيي رواندا ذكرى كارثة الإبادة الجماعية التي ارتكبت ضد عرقية «التوتسي»، التي مر عليها الآن 3 عقود، فعالية إحياء الذكرى التي يسميها الروانديون «كويبوكا» بلغت 30 عاماً. وKwibuka تعني (تذكار) بلغة «الكينا رواندا» التي يتحدثها الروانديون، وتستمر فعاليات الذكرى، وتأبين الضحايا 100 يوم، وتأتي هذا العام تحت شعار «تذكروا واتحدوا وتجددوا».

  • رشيد سيساي، عميد السفراء الأفارقة في الإمارات، خلال كلمته أثناء فعالية «كويبوكا 30»
    رشيد سيساي، عميد السفراء الأفارقة في الإمارات، خلال كلمته أثناء فعالية «كويبوكا 30»

وفي يوم الأحد الماضي 21 أبريل 2024، وخلال كلمة ألقاها في أثناء مناسبة عُقدت في أبوظبي لإحياء الذكرى الـ 30 للإبادة الجماعية ضد التوتسي في رواندا، قال رشيد سيساي، سفير سيراليون لدى دولة الإمارات العربية المتحدة، عميد السفراء الأفارقة لدى الدولة: «إننا نفكر في الأحداث المأساوية التي وقعت في رواندا قبل ثلاثة عقود، والتي أودت بحياة أكثر من مليون شخص». وخلال الفعالية التي شارك فيها قرابة 500 شخص، من بينهم دبلوماسيون وأبناء الجالية الرواندية في الإمارات، أضاف «سيساي»: «بينما نجتمع هنا تحت شعار (تذكروا واتحدوا وتجددوا)، نشيد بقدرة الشعب الرواندي المذهلة على الصمود، ولا سيما الناجين، الذين ما زالوا يعانون تداعيات تلك الفترة الحزينة». واعتبر «سيساي»، المناسبة دعوة واضحة للعمل، قائلاً: «إنها تحثُنا على تجديد التزامنا بمنع تكرار مثل هذه الفظائع ومكافحة آفة خطاب الكراهية والأيديولوجيات المثيرة للانقسام». وأشار إلى أن أفريقيا، بل والعالم بأسره، يحتاج الآن إلى الهدوء أكثر من أي وقت مضى للتخفيف من توترات وصراعات تميل إلى تقويض الاستقرار وعرقلة مسار التنمية في قارتنا حالياً.

  • «كويبوكا 30».. تخليد الذكرى بروح التطوير والتسامح
    أثناء تقديم أغنية عن  «كويبوكا»

 

الوحدة والتقدم والتنمية
وأكد «سيساي» قناعته «بأن رحلة رواندا الرائعة من أعماق اليأس إلى منارة الأمل والتقدم هي شهادة على روح شعبها التي لا تقهر. إن قدرة الأمة على التعافي وإعادة البناء تؤكد قوة الوحدة والتصميم والقدرة البشرية التي لا تتزعزع على الصمود. لقد أعطيت الإنسانية درساً بأن الأمل موجود دائماً، وأنه لا يوجد مجتمع أبعد من الشفاء والتعافي إذا توفرت الإرادة والعزيمة. وكانت الخطوات التصالحية التي قطعتها البلاد ملحوظة، ويمكن لبلدان أخرى في مرحلة ما بعد الصراع أن تتعلم منها. واليوم، تعد رواندا أحد الأمثلة الساطعة على الوحدة والتقدم والتنمية في قارتنا». كما تضمنت فعالية «كويبوكا 30» في أبوظبي أغاني ورسائل أمل أداها الشباب الرواندي المقيم في الإمارات، من التحقوا بالمدارس والجامعات الإماراتية.

  • «كويبوكا 30».. تخليد الذكرى بروح التطوير والتسامح
    رسائل أمل أداها الشباب الرواندي المقيم في الإمارات.

«رويجامبا» .. الذكرى ومؤشرات النهوض
سيرج رويجامبا، أحد الناجين من الإبادة الجماعية، كان آنذاك في المرحلة الابتدائية، روى للحضور في أثناء «كويبوكا 30» قدرته على الصمود والأمل في بناء حياة جديدة، حيث قال: «تمكّنا بعد وقوع الإبادة الجماعية من التحلي بروح التسامح والصمود وبناء حياة جديدة بفضل القيادة الملهمة لبلادنا ودعمها الكامل للنهوض من تحت الرماد». «رويجامبا» المتخصص في العلاقات الدولية، يعمل الآن في متحف مخصص للتذكير بالمأساة، يقول: «إن الهدف منه منع الإبادة الجماعية ومحاربة الكراهية، وتدريس التفاني في المصالحة وإحياء السلام».

  • «كويبوكا 30».. تخليد الذكرى بروح التطوير والتسامح
    سيرج رويجامبا، أحد الناجين يروي شهادته على المأساة

وأضاف «رويجامبا» في مقابلة مع «الاتحاد»: «فتحنا العديد من المدارس التمهيدية في جميع أنحاء البلاد، وأصبح السلام قضية شاملة يجب تدريسها في المدرسة»، مؤكداً أن الروانديين نجحوا في إحراز تقدم كبير بعد الإبادة الجماعية. وأوضح أن 5 عوامل تشير إلى التقدم الذي أحرزته رواندا: أولاً أصحبت من بين الدول الأكثر تمثيلاً للمرأة في الحياة العامة، ولدى رواندا اقتصاد متنوع، وأحرزت إنجازات على الصعيد الاقتصادي، وتحظر الاستخدام الأحادي للبلاستيك، ولديها عادة تنظيف الشوارع والمؤسسات العامة في السبت الأخير من كل شهر، وتبذل رواندا جهوداً كبيرة في الحفاظ على الغوريلا الجبلية، ضمن مساعيها لحماية الحياة البرية، خاصة الأنواع المهددة بالانقراض. وأكد «رويجامبا» أن الشعب الرواندي يستفيد من قيادته الحكيمة التي قادت البلاد إلى المصالحة والتسامح، ما جعل البلاد تحرز كل هذا التقدم.

  • إحدى اللوحات المعروضة خلال فعالية «كويبوكا 30» تحمل عنوان «السلام خيارنا»
    إحدى اللوحات المعروضة خلال فعالية «كويبوكا 30» تحمل عنوان «السلام خيارنا»

رحلة التقدم مستمرة
وعن التحول الملحوظ الذي شهدته رواندا بعد الإبادة الجماعية، أشار جون ميرنجيه، سفير جمهورية رواندا لدى دولة الإمارات العربية المتحدة، إلى أن: «رواندا نهضت لتصبح منارة للتحول والتقدم بعد ثلاثة عقود، حيث اخترنا ألا نعيش لأنفسنا وللأجيال القادمة فقط، بل لأولئك الذين رحلوا وتحطمت أحلامهم كذلك».

  • جون ميرنجيه، سفير جمهورية رواندا لدى دولة الإمارات العربية المتحدة يلقي كلمته
    جون ميرنجيه، سفير جمهورية رواندا لدى دولة الإمارات العربية المتحدة يلقي كلمته

وأكد «ميرنجيه» خلال كلمته في الذكرى الثلاثين للمأساة، أن «مواطني رواندا، ولا سيما الشباب، لديهم مسؤولية جماعية لتخليد الذكرى، والحفاظ على المكاسب التي حققتها بلادنا، والمساهمة في رحلة التحول الطموحة المستمرة».