لن يهنأ أوباما بسنواته المتبقية في البيت الأبيض مع ما ينتظره من مشاحنات حزبية ضد خصومه الجمهوريين في الكونجرس بعدما حصلوا على الأغلبية، إلا أن هذا التشاحن المرتقب يبهت أمام صراع أكبر داخل الحزب الجمهوري نفسه، هذا الصراع الذي لن يحسمه سوى جيب بوش في حال قرر الحزب ترشيحه لخوض الانتخابات الرئاسية لعام 2016. فرغم ما يعيشونه الديمقراطيون من انقسامات، يوجد بينهم توافق حول القضايا الأساسية، توافق يعكسه التوجه نحو اختيار هيلاري كلينتون لخوض الانتخابات الرئاسية. ذلك التوافق في حده الأدنى يظل غائياً عن الجمهوريين، فهم منقسمون حول الأفكار والمعتقدات الأساسية، وحول طريقة الحكم وممارسة السلطة، والشخص الذي يتعين المراهنة عليه لكسب الانتخابات الرئاسية الحاسمة، بل يمكن ملامسة حدة الانقسام داخل البيت الجمهوري في الارتباك، الذي يعم صفوفهم بشأن الطريقة الأمثل للتعامل مع القرارات التنفيذية، التي يتهيأ أوباما لاتخاذها في مجال الهجرة. فاليمين في طرفه الأقصى الذي يجسده أمثال راش ليمبو وتيد كروز يعتقد أن كل جمهوري لا يؤمن بضرورة غلق الوكالات الحكومية وتقليص دورها، بل حتى من يشكك في الحاجة لتوجيه تهماً رسمية لأوباما والسعي لعزله، لا يستحق أن يحمل وصف الجمهوري. هذا بينما يحاول المعتدلون داخل الحزب مجاراة الأصوات الأكثر تطرفاً، دون التسبب في مواجهة كبرى مع الديمقراطيين، إدراكاً منهم أن أغلب الناخبين لا يحبذون السياسات الصفرية والمواجهات القاسية فقط لإبداء المعارضة. لكن مشكلة الجناح المعتدل داخل الحزب الجمهوري أنه أمضى السنوات الست الأخيرة في مهادنة المتطرفين، هذا الأمر ينطبق على القيادة، وبالأخص على رئيس مجلس النواب، جون بوهيمر، الذي يعيش في خوف دائم من تمرد اليمين إلى درجة أن المؤسسة الحزبية أقرت بأنها توافق الأصوات اليمينية في الجوهر ولا تختلف معها سوى في التكتيك. وبالطبع لن يتحسن موقف الجمهوريين الانتخابي إلا بمواجهة الفئات الأكثر تطرفاً داخله ليبرز هنا دور جيب بوش. لكن استطلاعات الرأي تظهر أن الرجل لن يصبح أبداً المرشح المفضل لأقصى اليمين، لاسيما وأن تاريخ العائلة بأكمله، من بوش الأب إلى بوش الابن، يميل للوسط، كما أن حملته للظفر بالترشيح للرئاسيات لن تنجح إلا بتركيزه على قضايا الحكم والإدارة التي تهم الأميركيين بدل الدخول في مشاحنات لا تنتهي مع الخصوم السياسيين. إي جي ديون ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»