في أجواء حميمية صادقة، وضمن أفق الشارقة الرحب، عقد منتدى الشارقة الدولي للاتصال الحكومي دورته السادسة، بمشاركة العديد من الخبراء والإعلاميين والمسؤولين العرب والأجانب. وجاءت النسخة السادسة من المنتدى متماهية مع روح العصر، وتحديات التكنولوجيا وأدوات الاتصال، حيث برزت عناوين عدةُ للجلسات النقاشية، مثل: «الاتصال من أجل التنمية والشراكة المجتمعية»، «القطاعان العام والخاص.. شراكة حقيقية نحو تنمية مستدامة»، «دور وسائل التواصل الاجتماعي في الانتقال من المشاركة إلى الشراكة الفعلية»، «آثار الصراعات والحروب على التنمية العربية».. وغيرها. وجاءت التوصيات متماشية مع خطط الدورات السابقة للمنتدى، حيث أشار بعضها إلى ضرورة «إيجاد حوار فاعل بين الحكومات العربية وأفراد المجتمع في كل القضايا المتعلقة بالتنمية». وفي رأيي أن هذه التوصية تعد أساساً لإيجاد تفاهم وتناغم بين الحكومات العربية وشعوبها. كما أكدت التوصيات «ضرورة إشراك الشباب في صنع القرار»، وهذا موضوع مهم للغاية؛ لأن الشباب هم عُدة المستقبل، وما لم يتم إشراكهم في قضايا التنمية والتطوير، وما لم يتم الاعتراف بقدراتهم، فسيفقدون ثقتهم في المستقبل. لذا فإشراك الشباب في صنع القرار يعد «دورة تدريبية» لإكسابهم الخبرة والكفاءة لخدمة مجتمعاتهم. واشتملت التوصيات على مجالات عدة كالتعليم، وذوي الإعاقة، والبيئة والإعلام.. إلخ. وكان صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة قد فاجأ الحضور بكلمة ارتجالية صادقة عن اهتمام الإمارة بالإنسان منذ الولادة وحتى الموت، مشيراً إلى أنها وضعت نظاماً لرعاية الأطفال منذ الشهرين الأولين، ثم إدخالهم الروضة، ثم المدرسة والجامعة، مبيناً أن الرعاية الطبية لمن هم فوق الستين تأتي مباشرة دون اللجوء إلى شركات التأمين. وكذلك تخصيص عيادات متنقلة لخدمة كبار السن في منازلهم. وأشار سموه إلى الاضطراد في تطور التعليم الجامعي وما فوق الجامعي بتخصيص 120 مليون دولار لهذا الأمر. أما الشيخ سلطان بن أحمد القاسمي رئيس مجلس الشارقة للإعلام، فأعلن إطلاق المركز الدولي للاتصال، وهو الأول من نوعه في العالم، ويتضمن حزمة من المبادرات لتطوير القطاع الاتصالي، ما يُمكن أن يُشكل منبراً فكرياً متخصصاً، تعود إليه الأسئلة من القطاعات الحكومية، محلياً وإقليمياً ودولياً. كما أعلن عن إطلاق أول دبلوم أكاديمي مُعتمد في مجال الاتصال الحكومي تتولاه إحدى إدارات المركز. وأعلن عن شبكة «صندوق الخير للاتصال الحكومي» التي تحتوي برامج عدة لبث الوعي بأهمية الاتصال الحكومي في المجال الخيري. وجاءت جائزة الاتصال الحكومي وتكريم الجهات الفائزة في ليلة جميلة من ليالي الشارقة في «مسرح المجاز» المكشوف، وكانت ليلة استحقاق لأهل الفضل، اعترافاً بما قامت به الجهات الفائزة من جهد في الاتصال الحكومي، حتى استحقت شعار «تقديراً لإبداعاتكم»! حيث فازت عشر من الجهات المشاركة في الفئات المختلفة للجائزة، إضافة إلى الشخصية الإعلامية المؤثرة، وهي سمو الشيخ عبدالله بن زايد آل نهيان وزير الخارجية والتعاون الدولي، كما ذهبت جائزة الريادة الإعلامية إلى جريدة «الشرق الأوسط». ما لفت نظري دعوة معالي عهود الرومي وزيرة الدولة للسعادة إلى «تخصيص مساحة أكبر للأخبار التي تبث الأمل والبهجة والإيجابية في نفوس الناس والمجتمعات». ونحن فعلاً بحاجة إلى مثل هذه الدعوة، في ظل القلق والتوجس ومشاهد العنف والتفجيرات والأخبار السلبية التي تحاصرنا بها وسائل الإعلام. فالتعرّض للمشاهد العنيفة والمأساوية يجعل البعض يتشاءهم ويتكاسل عن أداء أدواره في الحياة. المنتدى الدولي للاتصال الحكومي كان فرصة للتعبير عن الانتماء للإنسانية، ورفعة المجتمعات، وتفعيل دور المؤسسات الحكومية كي تشارك الإنسان بإيجابية في قرارات حاضره ومستقبله. الشارقة التي عُرفت بالثقافة والفنون، تختطُّ مع «المنتدى الدولي للاتصال الحكومي» خطاً موازياً للثقافة، عبر الاتصال، وهو مجال خصب؛ لأن الثقافة إن كانت تُهذب النفوس وتبعث الأمل والتأمل في الإنسان، فإن الاتصال والتواصل يُعطي للإنسان الحق في أن يكون في دائرة الاهتمام، ويعطي المؤسسات الحكومية الفرصة للتعرف على ظروف هذا الإنسان وطموحاته المستقبلية. وهذا أساس التنمية المستدامة.