أصبحت الهند عضواً كامل العضوية في منظمة شنغهاي للتعاون، في مؤتمر قمة أستانا في 8 و9 يونيو 2017. وبعد انضمامها، حضرت وزيرتها للشؤون الخارجية «سوشما سواراج» الاجتماع السادس عشر لمجلس رؤساء حكومات دول المنظمة، الذي عقد في مدينة سوتشي بروسيا يومي 30 نوفمبر و1 ديسمبر من هذا العام. والنقاط الرئيسية التي ركزت عليها «سواراج» في كلمتها، هي الحث على مكافحة الإرهاب، وتحسين مستوى التواصل بين الدول، وقضايا الطاقة. وعضوية الهند في منظمة شنغهاي للتعاون تتيح لها فرصاً ممتازة في المجال الجيو- اقتصادي، والجيو- استراتيجي، في منطقة آسيا الوسطى، التي تنتج ما يقرب من 10 في المئة من النفط والطاقة في العالم. وبما أن الهند تعتبر واحدة من أكثر الدول تعطشاً للطاقة في العالم، فإن مشاركتها في منظمة شنغهاي للتعاون، ستتيح لها فرصة جيدة لتلبية احتياجاتها من الطاقة من تلك الدول، من خلال أساليب الدبلوماسية الإقليمية. ويمكن لمنظمة شنغهاي للتعاون أيضاً أن توفر منبراً، تتمكن الهند من خلاله من تحسين علاقاتها الاقتصادية الثنائية -المتواضعة حتى الآن- مع دول منطقة آسيا الوسطى. وفي مجال الأمن، شكلت منظمة شنغهاي للتعاون، ما يعرف بـ«الهيكل الإقليمي لمكافحة الإرهاب» في طشقند عام 2005. وهذا الهيكل الذي يعرف اختصاراً بـ«راتس» هدفه تسهيل تبادل المعلومات، والإجراءات المشتركة، بين الدول الأعضاء في مجال مكافحة الإرهاب. والعضوية الكاملة للهند في منظمة شنغهاي للتعاون، ستمكنها من القيام بدور فعال في إطار هذا الهيكل، وهو دور يمكن تبين معالمه من الكلمة التي ألقتها «سواراج» في المؤتمر، التي قالت فيها إن بلادها، يمكنها من خلال «راتس» أن تحسن من تجربتها في مجال مكافحة الإرهاب، عن طريق تبادل المعلومات الاستخبارية، وإنفاذ القانون، وتطوير أفضل الممارسات والتقنيات، وتبادل المساعدات القانونية، وترتيبات تسليم المجرمين، وبناء القدرات، بالإضافة إلى تدابير أخرى عديدة. وفي هذا السياق، يتوقع أن يكون لظهور الجماعات المتطرفة مجدداً في أفغانستان، وخاصة تنظيم «داعش»، تأثير كبير على منطقة كشمير، المتوترة في الأصل. ومن خلال انضمام الهند لمنظمة شنغهاي للتعاون، فإنها ستتمكن، بصفتها من أصحاب المصلحة الرئيسيين في أفغانستان، من التعاون مع المنظمة- في سد الفراغ الذي خلفه انسحاب الناتو من ذلك البلد. ولكن المشاركة الهندية في منظمة شنغهاي للتعاون ليست سهلة، كما قد يبدو للوهلة الأولى. فنظراً لوجود باكستان، وهيمنة الصين في المنظمة، فإن من المتوقع أن يؤدي ذلك للحد من الدور الهندي، وإبقائه في إطار ثانوي. ووجود باكستان والصين في منظمة شنغهاي للتعاون، سيؤدي، أيضاً، إلى الحد من قدرة الهند على التأثير. وسيكون من المثير للاهتمام أن نرى كيف سيكون رد الفعل الهندي، إذا ما أرادت باكستان نقل مشكلة كشمير مثلاً إلى المستوى الإقليمي من خلال منظمة شنغهاي للتعاون، كما أن الهند ستجد نفسها أيضاً مضطرة لأن تخطو بحذر بالغ، إذا ما أثارت الصين قضية التيبت في منظمة شنغهاي، وخصوصاً إذا ما تم الأخذ في الاعتبار، أنها توفر الملاذ للدلاي لاما، الزعيم الروحي لمنطقة التيبت في أراضيها، منذ عقود. وأخيراً، من الواضح أن منظمة شنغهاي للتعاون قد تبنت، كما هو متوقع، موقفاً واضحاً مناوئاً للغرب. ومن المهم للهند في هذا الصدد أن تُعرّف نفسها بوضوح، وأن تعمل على تجنب مثل هذه الخطابات، التي تشجعها المنظمة. وخلاصة القول، إن استفادة الهند من منظمة شنغهاي للتعاون ستكون محدودة بسبب دور الصين وباكستان في المنظمة، والنتائج الإيجابية التي يمكنها تحقيقها من خلالها، ستعتمد على كيفية تعامل الدبلوماسية الهندية مع منافسيها. وكذلك، سيكون للعلاقات الدبلوماسية بين الهند وروسيا، دور رئيسي في تعزيز مصالح الهند في منظمة شنغهاي للتعاون، كما أن علاقات الهند الودية مع دول منطقة آسيا الوسطى، ستكون أيضاً عنصراً مهماً في تحديد مصير مصالحها في هذه الدول. وفي خاتمة المطاف، يتعين على الهند أن تعترف بأن منطقة آسيا الوسطى هي مجال نفوذ الصين، وأن تعرف أن انخراطها مع دول المنطقة يجب أن يتم بحذر. ويعني هذا كله، أن العضوية الكاملة للهند، ومشاركتها اللاحقة في منظمة شنغهاي للتعاون، ستوفر لها فرصاً محدودة، وستواجهها في الآن ذاته بالعديد من التحديات. وعلى هذا الأساس، يتعين على حكومة مودي، السير على خيط دبلوماسي مشدود، وتبني نهج حذر، في الانخراط مع منظمة شنغهاي للتعاون، تتمكن من خلاله من المحافظة على مصالحها، والبقاء على الحياد في الآن ذاته، خصوصاً في المسائل التي لا تتصل بها بشكل مباشر. سوياش ديساي: باحث دكتوراه في مركز السياسة الدولية بجامعة جواهر لال نهرو ينشر بترتيب خاص مع خدمة «تريبيون نيوز سيرفس»