تعد وزارة التربية والتعليم من أهم مؤسسات الدولة، لِمَ لا وهي المناط بها إعداد جيل المستقبل لهذا الوطن المعطاء، ولأنها مؤسسة تنعكس قراراتها على كل بيت به تلميذ في المدرسة. وأضحى النقاش حول وزارة التربية والتعليم أمراً صحياً، ودليل اهتمام الناس بمستقبل الوطن. وقد سعدت في الأسبوع الماضي لكثرة التعليقات التي وصلتني حول مقالي المنشور في جريدة الاتحاد تحت عنوان «مدرسة المشاغبين». وأشكر من تفضل بها. التربية والتعليم كغيرها من القضايا الجدلية ينقسم الناس حولها إلى أصناف، منهم المؤيدون للمستجدات التربوية، وغيرهم من المعارضين لها، وهذا أمر طبيعي تشهده كافة المجتمعات البشرية. ومن موقع تخصصي كمعلم في كلية التربية بجامعة الإمارات لأكثر من ثلاثين سنة، تابعت المستجدات في ميدان التعليم الإماراتي كافة، وشهدت منعطفات التغيير وتحديات التطوير شاركت في العديد من الندوات المتخصصة والمؤتمرات المتعمقة، ورأيت جدلاً واسعاً بين أهل الاختصاص إضافة لعامة الناس، وكانت النقاشات في وقتها تجاه خطط واستراتيجيات وزارة التربية تتمحور حول تلك المستجدات. ولَم تتعد ذلك إلى اتهام الأشخاص أو التشكيك في وجهات نظرهم من الزاوية الوطنية، لكن ما تشهده الساحة الإماراتية بخصوص التربية والتعليم في الفترة الراهنة تميز بأمرين، أولهما إضافة أجهزة التواصل المعاصرة في ميدان النقاشات، إضافة للأجهزة التقليدية، في ما سبق من أحداث مر بها جهاز التربية والتعليم في الإمارات، كنّا نتابع أقلام الجرائد ونصنفها إلى مؤيد للتغيير ومعارض له، وكان الأمر جلياً في وقتها، فهناك كُتاب لا يَرَوْن في وزارة التربية والتعليم إلا التخبط والعشوائية، وغيرهم يَرَوْن الجزء الممتلأ من الكأس، وبين الفريقين جدل واضح. في الوقت الراهن أصبح لدى كل إنسان وسيلته الخاصة للتعبير عن رأيه، وهذا حق تكفله الأنظمة والقوانين، مما زاد الطين بله حتى كدنا لا يمر بِنَا يوم دون رسالة مقرؤة أو مصورة حول التربية والتعليم في الإمارات، الأمر المزعج في الجدل المعاصر هو التطرّف في الحب أو الكره، فأصبح الفريق الأول لا يكاد من شغفه يرى جوانب القصور. وأما من يعارضهم فقد انسدت أذنه عن سماع الأخبار السارة الواردة من ميدان التعليم، وأكثر ما أزعجني مؤخراً، وهذه هي السمة الثانية اتهام من له مأخذ على مشاريع الوزارة في وطنيته، ووسمه بأنه عدو النور محب لعصور الظلام، وهذا حكم جاوز أصحابه محل الحياد العلمي المنشود والمفقود للأسف الشديد في جدلنا الذي لن ينتهي حول جودة التعليم في الإمارات. شخصياً لي شرف معرفة معالي وزير التربية والتعليم عن قرب، وأدرك أنه إنسان محب للنقد البنّاء، وعقله متفتح للملاحظات الإيجابية حول مسيرة التربية، بل إنه يرحب بما يرد له من اقتراحات من شأنها الارتقاء بمنظومة العمل التربوي في وطننا الغالي، لذلك أتمنى أن يترفع الناس عن قضية التشكيك في بعضهم بعضاً، وإتاحة الفرصة للجهات المختصة لدراسة الملاحظات الواردة من الميدان حول مشاريع الوزارة المستقبلية والنظر إليها من زاوية موضوعية فما احتاج منها إلى الثناء والإشادة ينبغي شكر الوزارة عليه. وأما جوانب الخلل التي رصدت فالحكمة تقتضي متابعتها عن قرب لمعرفة السبب. والاعتراف بالخطأ فضيلة يقدرها الحكماء. وأختم بمقولة أول وزير للتربية في الإمارات صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة، عبر مداخلة في برنامج الخط المباشر، «إنها وزارة التربية والتعليم، التربية ومن ثم التعليم.. هكذا هو مسماها، فالتربية تبدأ من بداية الحياة، ونريد أن نضع الموازين في مكانها الصحيح».