أظهرت بيانات لاستطلاعات رأي جديدة على أوروبا أن هناك أغلبيات كبيرة، وسط الدول الحليفة الكبيرة للولايات المتحدة، لديهم وجهة نظر إيجابية عن الرئيس المنتخب جو بايدن، مما يوحي بتحول كبير في الرؤية الأوروبية للرئاسة الأميركية. لكن بيانات استطلاعات الرأي توحي أيضاً ببعض التوجهات غير المطمئنة فيما يبدو للعلاقات عبر الأطلسي بعد أربع سنوات من شراكة متوترة، مع وجود مؤشرات على أن الجمهور الأوروبي يعتقد أن قوة الصين تفوقت على قوة الولايات المتحدة في ظل قيادة ترامب. 
وأظهر استطلاع رأي أجراه مركز «بيو» البحثي في نهاية العام الماضي ونُشر في الأيام القليلة الماضية، أن 79% من الألمان و72% من الفرنسيين و65% من البريطانيين يتوقعون أن يقوم الرئيس جو بايدن «بما هو صائب في الشؤون الدولية». ونسب التأييد المرتفعة لبايدن في أكبر دول غرب أوروبا تمثل تناقضاً صارخاً مع النسب المنخفضة لسلفه. فقد توصل مركز بيو البحثي إلى أن مستويات الثقة في ترامب في ألمانيا بلغت 10% وفي فرنسا بلغت 11% وفي بريطانيا بلغت 19%. 
ووجهات النظر تلك عن ترامب سُجلت في الصيف، وربما لا ينعكس فيها رفض الرئيس قبول نتائج انتخابات نوفمبر أو اقتحام مقر الكونجرس مطلع الشهر الجاري. وأظهر استطلاع للرأي أجرته «واشنطن بوست» وشبكة «أيه. بي. سي. نيوز» أن معدلات التأييد لترامب داخل الولايات المتحدة انخفضت في الأسابيع الأخيرة له في السلطة. واصطدم الزعيم الأميركي بنظرائه الأوروبيين في قضايا تضمنت التجارة والإنفاق العسكري، كما قوبل باحتجاجات كبيرة أثناء زياراته إلى العواصم الأوروبية. كما اشتبك في سجال كلامي مع مسؤولين منتخبين في بريطانيا وفرنسا. 

وتعقب مركز«بيو» الثقة العالمية في الرؤساء الأميركيين أثناء تواجدهم في السلطة منذ عام 2000. وأدنى نسب سجلتها فرنسا وألمانيا في الثقة في الرئيس الأميركي كانت في فترة إدارة ترامب، وأدنى نسبة سجلتها بريطانيا بلغت 16% وكانت من نصيب الرئيس جورج بوش الابن عام 2008. وفي كل الدول الثلاث، سجل العام الأول من إدارة الرئيس باراك أوباما أعلى نسبة للثقة في الرئيس الأميركي في العقدين الماضيين؛ فقد أعرب 93% من الألمان و91% من الفرنسيين و86% من البريطانيين عن وجهة نظر إيجابية تجاه الرئيس الأميركي. 

وجزء من الشعبية النسبية لبايدن، التي يتفوق بها على ترامب وسط الجمهور الأوروبي، تتعلق فيما يبدو بسياسته. ففي كل الدول الثلاث، وجد مركز «بيو» أن أغلبيات كبيرة، أعلنت أنها تتوقع تحسناً في الاستجابات الأميركية على تغير المناخ وجائحة كورونا في ظل قيادة بايدن، وأيضاً تحسناً عاماً في السياسة الخارجية الأميركية. والعلاقات الأوروبية الأميركية على جانبي الأطلسي تشهد مشاعر إيجابية فيما يبدو. فهناك 85% من الألمان والفرنسيين أعلنوا أنهم متفائلون بشأن العلاقات عبر الأطلسي في ظل قيادة بايدن، وعبر 72% من البريطانيين و73% من الأميركيين عن هذه المشاعر أيضاً. 
لكن الدبلوماسية عبر الأطلسي، ربما تكتنفها مشكلات في المستقبل. فقد أشارت دراسة للمجلس الأوروبي للعلاقات الخارجية، اتبعت منهجية مختلفة ونُشرت في الأيام القليلة الماضية، إلى أن هناك رؤية أكثر تشاؤماً للعلاقات الأوروبية الأميركية على امتداد القارة. فهناك أغلبية من الخاضعين لمسح في 11 دولة يتوقعون أن تصبح الصين قوة عظمى أكثر نفوذاً في غضون عقد. وأشارت بيانات نشرها مركز «بيو» العام الماضي إلى نتيجة مشابهة مع إشارة 55% من الألمان و48% من الفرنسيين و47% من البريطانيين إلى الصين باعتبارها قوة اقتصادية رائدة في العالم. وهذه نسبة أكبر من الذين قالوا الشيء نفسه عن الولايات المتحدة في كل الحالات الثلاث وفي زيادة عن العام الأول من فترة ولاية ترامب. 
وذكر مركز «بيو» أن استطلاعاته للآراء الأوروبية عن بايدن أجريت بطريق المسح عبر الهاتف على 3066 شخصاً من البالغين، من 12 نوفمبر إلى 23 ديسمبر 2020، بهامش خطأ يتراوح بين 3.9% و4.2%. ووجهات النظر عن ترامب جرى رصدها في مقابلات عبر الهاتف على 1070 بالغاً، وأجريت بين 10 يونيو والثالث من أغسطس 2020، مع هامش خطأ تراوح بين 3.9% و4.1%.
*صحفي ومحلل سياسي أميركي
ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»