لم تتوقف يوماً جهود دولة الإمارات العربية المتحدة في مكافحة الاتجار بالبشر، إدراكاً منها لخطورة هذه الجريمة وفداحة تبعاتها وتطور آلياتها وأساليبها، وهو ما يستدعي تطوراً دائماً في الوسائل المتَّبعة للحد منها وعقاب مرتكبيها.

وقد احتفل العالم أمس الأحد، 30 يوليو، باليوم العالمي لمكافحة الإتجار بالبشر، وكان العنوان الذي اختارته الأمم المتحدة لجهودها هذا العام في مكافحة الإتجار بالبشر هو «لنَصِلْ لكلِ الضحايا، ولا نترك أحدا خلف الركب»، مشيرة إلى أن ذلك يعني مواجهةِ حالاتٍ ثلاث: الفشلُ في إنهاء استغلالِ الضحايا، وعدمُ دعمِ الناجين بعد تحرُّرِهِم، وترك الجماعاتِ التي يمكنُ تحديدُها على أنها عرضةٌ للإتجار بالبشر.

ويشير تحليل مساعي الدولة في هذا الصدد إلى مراعاة هذه الحالات الثلاث، وهو ما يظهر في تعديلات قانون مكافحة الإتجار بالبشر، التي اعتمدها مجلس الوزراء في 3 يوليو 2023، وتتضمن استحداث خدمات جديدة للضحايا، مثل المساعدات التعليمية، وتدابير العودة الآمنة لموطن الضحية، وتجريم التحريض على الجريمة، وتغليظ الغرامات والعقوبة الموقعة على الجناة.

كما تظهر مواكبة الدولة للحالات الثلاث أيضاً في الشرح الذي قدَّمته خلال جلسة استعراض التقرير الوطني الرابع لحقوق الإنسان أمام مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة، في 9 مايو 2023، إذ أُشير إنشاء عدد من مراكز ومؤسسات رعاية وإيواء ضحايا الاتجار بالبشر والعنف الأسري والعنف ضد الأطفال منذ عام 2007، ومنها مؤسسة دبي لرعاية النساء والأطفال، ومركز أبوظبي للإيواء والرعاية الإنسانية، ومركز أمان لإيواء النساء والأطفال. وأشير في الجلسة نفسها إلى اعتماد اللجنة الوطنية لمكافحة الإتجار بالبشر خطاً ساخناً لاستقبال البلاغات عن حالات الإتجار بالشر على مستوى الدولة، يديره مركز أبوظبي للإيواء والرعاية الإنسانية، وهو يتلقى البلاغات ذات الصلة ويتعامل معها بالتعاون مع الجهات المختصة. كما تقدم المراكز والمؤسسات المذكورة خدمات متنوعة، تتضمن تسلم الضحايا، وتقديم الدعم النفسي والاجتماعي والصحي والقانوني لهم، وتعريفهم بحقوقهم بالتعاون مع وزارة الداخلية، وإصدار تصاريح مؤقتة للإقامة طوال فترة الإجراءات القانونية. كما يتم التعاون مع منظمات دولية لإعادة التوطين لبعض ضحايا الإتجار بالبشر حسب ظروفهم بشكل عاجل وعادل.

كذلك يظهر الحرص على مواكبة الطبيعة المتغيرة لجريمة الإتجار بالبشر، في تصريحات معالي عبدالله بن سلطان بن عواد النعيمي وزير العدل، أمس الأحد، بمناسبة اليوم العالمي لمكافحة الاتجار بالبشر، التي أشار فيها إلى حرص الدولة على «بناء جسور تعاون قوية بين الجهات المعنية الوطنية، منها والدولية ودعمها بوسائل التكنولوجيا الحديثة لتعزيز منظومتنا بالسرعة والمرونة اللازمة لمواجهة هذه الجريمة التي لا ينفك مرتكبوها عن تطوير أساليبهم الإجرامية للإيقاع بضحاياها».

وتشير هذه التدابير إلى أن الدولة تركز في جهود مكافحة هذه الظاهرة الإجرامية على استشراف المستقبل والاستعداد المسبق للتغلب على التحديات الجديدة، والقضاء على التشكيلات والمنظمات التي تقف وراءها، ومعاقبة أفرادها على جرائمهم في حق الإنسانية.

*عن نشرة«أخبار الساعة» الصادرة عن مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية.