في وقت تتصاعد فيه الأزمات، يواصل الاقتصاد الوطني مسيرته لتعزيز قوته واستقراره عامًا بعد عام، حتى أصبح من بين أكبر الاقتصادات تنافسية حول العالم، إذ يعد من بين أكثر 10 اقتصادات تنافسية وضمن أكبر 30 اقتصادًا حول العالم في أكثر من 74 مؤشرًا تنافسيًا عالميًا في المجالات الاقتصادية والمالية والرقمية خلال عام 2023.
وقد تحقق هذا التقدم المستمر بفضل توجيهات القيادة الرشيدة، وجهودها المتواصلة لدعم الاستقرار المالي والنقدي للدولة، ومن مؤشرات ذلك اعتماد موازنة عامة للفترة 2023-2026 بإجمالي نفقات تقديرية بقيمة 252.3 مليار درهم لتسريع عجلة التنمية المستدامة.
وقد أسهم مصرف الإمارات العربية المتحدة المركزي، على مدى خمسين عامًا، بنصيب وافر في المسيرة الاقتصادية الحافلة لدولة الإمارات، وذلك من خلال تعزيز الاستقرار المالي والنقدي ودفع عجلة النمو الاقتصادي وتحفيزه، وتحقيق الفاعلية والمرونة في النظام المالي بجانب النهوض بالنمو الاقتصادي ودفع جهود التنمية في الدولة، إضافة إلى إطلاق حزمة من المشاريع الابتكارية التي تنفذها الشركات التابعة للمصرف ضمن برنامج البنية التحتية المالية لتسريع التحول الرقمي في القطاع المالي.
ويمثل الاحتفال باليوبيل الذهبي للمصرف فرصة للتأكيد على هذا الدور الحيوي الذي قام به المصرف في تعزيز عملية التنمية الشاملة في الدولة. وفي هذا السياق، وخلال الاحتفال الذي أقيم بهذه المناسبة، في 29 يناير 2024، فقد أكد سمو الشيخ منصور بن زايد آل نهيان، نائب رئيس الدولة نائب رئيس مجلس الوزراء، رئيس ديوان الرئاسة، رئيس مجلس إدارة المصرف، أن جهود المصرف تسهم في تعزيز التنمية المستدامة وترسيخ مكانة الإمارات مركزًا ماليًا عالميًا، مشيرًا سموه إلى حرص القيادة الرشيدة على مواصلة تعزيز مكانة دولة الإمارات في الاقتصاد العالمي.
وخلال هذا الاحتفال، شهد سمو الشيخ منصور بن زايد آل نهيان تخريج الدفعة الأولى من المواطنين الملتحقين بـ«برنامج إثراء» للتوطين في القطاع المالي، البالغ عددهم ألفاً و56 مواطناً ومواطنة بعد اجتيازهم مرحلة عالية المستوى من التدريب والتأهيل في معهد الإمارات المالي. ويعكس هذا البرنامج حرص قيادة الإمارات على تمكين أبناء الوطن وتأهيلهم في مختلف مجالات العمل وميادين المعرفة لرفد القطاع المالي بكوادر وطنية مؤهلة وفق أعلى المستويات، لتسهم في تعزيز مسيرة التنمية الشاملة التي تشهدها الدولة.
وفي الواقع، فإن طبيعة الاقتصاد الإماراتي قد وفَّرت الفرصة الملائمة للمصرف المركزي، ليقوم بدوره المنشود في دعم عملية التنمية المستدامة، حيث يتميز الاقتصاد الوطني بمرونته ومتانته وبقاعدته المتنوعة من الموارد ومصادر الدخل، فضلًا عن نجاحه في تنويع قاعدته الإنتاجية بما يعزز من قدراته الاقتصادية بعيدًا عن الاعتماد على النفط.
وفي هذا الصدد، لا بد من الإشارة إلى أن القطاعات غير النفطية تسهم بأكثر من 70% من الناتج المحلي الإجمالي للدولة، وعلى الرغم من تصاعد الاضطرابات السياسية والاقتصادية في المنطقة حاليًا، فإن إعلان المصرف المركزي رفْع توقعاته لنمو الاقتصاد الوطني خلال عام 2024 إلى 5.7% جاء ليعكس مدى قوة الاقتصاد الوطني.
وفيما تواصل دولة الإمارات تقدمها كنموذج عالمي يحتذى به، يواصل المصرف المركزي أداءه المتميز في مجال تعزيز الاستقرار المالي والنقدي، وتحقيق الفعالية والمرونة في النظام المصرفي، وحماية المستهلكين من خلال الإشراف الفعّال الذي يدعم النمو الاقتصادي لصالح دولة الإمارات وشعبها، الأمر الذي تبرهن عليه العديد من مؤشرات التنمية الاقتصادية الرئيسة للدولة، ومن أبرزها، ما جاء في تقرير التنافسية العالمية الصادر عن المعهد الدولي للتنمية الإدارية عام 2023، حيث احتلت الدولة المرتبة الرابعة في مؤشر الأداء الاقتصادي، إلى جانب تحقيقها مراكز متقدمة في التصنيف الائتماني لمؤسسات دولية عالمية قيّمتها «بنظرة مستقبلية مستقرة» عام 2023.

*صادرة عن مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية