تمثل المناسبات المحلية والدولية الخاصة بالمرأة، ومنها يوم المرأة العالمي، الذي يوافق الثامن من مارس من كل عام، والذي احتفل به العالم أمس، فرصة لتسليط الضوء على التجربة الرائدة لدولة الإمارات في مجال تمكين المرأة، وما تحظى به النساء في الإمارات من دعم كبير من قبل القيادة الرشيدة. وفي الواقع، فإنه يحقُّ للمرأة الإماراتية أن تشعر بالفخر بما حققته من إنجازات وطنية على كافة الصُعد، ونجاحات في كل مجالات العمل، وقدرة على الاضطلاع بأصعب المهام، في ظل هذه التجربة التي تحظى بتقدير كبير على الصعيدين الإقليمي والعالمي، ما أسهم في تعزيز ملحمة التطوير والتنمية في دولة الإمارات.

فمنذ أن وضع المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، اللبنات الأساسية لاتحاد الإمارات في الثاني من ديسمبر عام 1971، وبرعاية مستمرة من سمو الشيخة فاطمة بنت مبارك رئيسة الاتحاد النسائي العام، رئيسة المجلس الأعلى للأمومة والطفولة، الرئيس الأعلى لمؤسسة التنمية الأسرية (أم الإمارات)، كان الإيمان راسخاً والرؤية واضحةً لتمكين المرأة الإماراتية، ليس لأنها نصف المجتمع فحسب، بل لكونها شريكاً أساسياً في نهضته المنشودة.

وكانت المرأة الإماراتية دائماً ضمن الأولويات القصوى للقيادة الرشيدة منذ تأسيس الدولة، وقد عبَّر صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان رئيس الدولة، حفظه الله، عن مكانتها في الدولة وفي فكر القيادة، من خلال رسالة حافلة بالتقدير قال فيها: «إلى أم الإمارات، أخواتي، أم أبنائي، بناتي.. إلى المرأة الإماراتية، بنات زايد، أنتن الإشراقة على وجه الوطن الذي تباركت بكن مسيرته، وبشارة تقدمه، ذخرنا في أوقات العطاء، وحظنا في لحظات التفوق. دوركن أساس، وطموحكن سماء.. كل عام وأنتن بعزكن وعز وطننا»، وقد نشرت هذه الرسالة في حساب سموه على منصة «إكس» بمناسبة الاحتفال بيوم المرأة الإماراتية في 28 أغسطس 2023.

تبدأ العناية بالمرأة في الإمارات منذ مرحلة الطفولة المبكرة، وتظهر كذلك في دعمها طالبةً في مراحل التعليم المختلفة، وفي مساندتها كأم في إطار الأسرة الإماراتية المستقرة، وتتجلى في الوقوف إلى جوارها في سوق العمل موظفةً ورائدةَ أعمال ناجحة في بيئة الأعمال الوطنية. ولطالما أوردت التقارير والمؤشرات والإحصاءات الدولية ما يؤكد نجاح استراتيجية دولة الإمارات في تمكين المرأة، فأحدث مؤشرات التنمية للبنك الدولي تُظهر الرعاية الطبية الفائقة التي توليها الدولة للمرأة ولصحتها الإنجابية وصحة الأسرة، حتى وصل متوسط العمر المتوقع للمرأة الإماراتية عند الميلاد إلى مستوى قياسي يبلغ نحو 81 سنة.وتُظهر هذه المؤشرات أيضاً تمكين المرأة الإماراتية في العملية التعليمية طالبةً وباحثةً وأستاذةً جامعية.

فبينما تقترب نسبة التحاق الإناث بالمدارس في مراحلها الأولى من 100%، تشكل المرأة نحو 70% من خريجي الجامعات في الدولة. كما تشكل المرأة نسبة 56% من خريجي تخصصات العلوم والتكنولوجيا والهندسة والرياضيات بالجامعات الحكومية. وفي معهد مصدر للعلوم والتكنولوجيا المتميز في أبوظبي، تمثل المرأة 60% من مجموع خريجيه، الذين يعززون من القدرات الابتكارية للدولة.

وعلى صعيد تولي الوظائف، تظهر الإحصائيات أنه وحتى عام 2018، شكلت نسبة النساء في العمل الحكومي 66%، و30% في المستويات القيادية. كما تشارك عشرات الآلاف من رائدات الأعمال الإماراتيات الناجحات المستثمرات في شتى قطاعات الاقتصاد الوطني، ما يشكل نحو 1.8% من القوى العاملة من الإناث. وتشغل المرأة حالياً 9 مناصب وزارية في مجلس الوزراء الحالي، ونصف مقاعد أعضاء المجلس الوطني الاتحادي، وتُقدم عضوات المجلس نموذجاً رفيعاً للعمل البرلماني يتسم بالكفاءة والاقتدار.

ولم تقتصر جهود الدولة لتمكين المرأة على الصعيد الداخلي فقط، بل امتدت لتشمل مجال العمل الدبلوماسي، حيث تبلغ نسبة العاملات في وزارة الخارجية نحو 49.5%، وتشكل النساء نحو 60% من خريجي أكاديمية أنور قرقاش الدبلوماسية، ما يعكس إيمان القيادة الرشيدة بقدرة المرأة على العمل في المجالات كافة، وهو ما يمثل ركيزة أساسية لدعم عملية التنمية المستدامة التي تشهدها دولة الإمارات، وتسعى من خلالها إلى تحقيق المزيد من النجاح والتميز.

*صادرة عن مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية.