تواصل دولة الإمارات اهتمامها بتطوير الاستثمار في مجال الطاقة النظيفة والمتجدّدة، ويظهر ذلك من خلال العديد من الاستراتيجيات والمبادرات التي تطرحها الجهات المعنية بالدولة، كما يظهر كذلك في العديد من المشروعات المبتكرة، وفي دعم المؤسّسات والشركات العاملة في هذا المجال، انطلاقاً من رؤية راسخة حيال حماية البيئة والموارد الطبيعية.

وفي هذا السياق، كشفت وزارة الطاقة والبنية التحتية، عن تفاصيل السياسة الوطنية للوقود الحيوي في دولة الإمارات التي تم اعتمادها من مجلس الوزراء، والتي تندرج بشكل أساسي ضمن توجهات الدولة المتعاظمة نحو توفير مصادر طاقة نظيفة ومنخفضة الكربون، على النحو الذي ينسجم مع المستهدفات الاستراتيجية لترسيخ مكانة الدولة والتزاماتها فيما يخص مواجهة التحديات المناخية، وتعزيز جهود تقليل البصمة الكربونية.

وتهدف السياسة الوطنية للوقود الحيوي التي تم إعدادها من خلال وزارة الطاقة والبنية التحتية، بالتنسيق مع شركائها الاستراتيجيين في القطاعين الحكومي والخاص، إلى توفير بدائل مستدامة للوقود وتنويع مصادره ضمن مزيج الطاقة، وهذا توجه أساسي طالما أكدت عليه القيادة الرشيدة. وقد شدَّد معالي سهيل بن محمد المزروعي، وزير الطاقة والبنية التحتية، على الدور الحيوي للسياسة الوطنية للوقود الحيوي في تقليل الانبعاثات الكربونية من خلال استهلاك وقود الديزل الحيوي بنسبة 20% بحلول 2050، وخفض البصمة الكربونية بنسبة 75% من السيارات ذات محركات الديزل في حال استهلاك وقود الديزل الحيوي بنسبة 100%. يُعد إطلاق السياسة الوطنية للوقود الحيوي خطوة استراتيجية لتعزيز دور الإمارات الريادي في قطاع الطاقة النظيفة وتنويع مصادرها، عبر توفير بدائل للوقود الأحفوري تعزز أمن إمدادات الطاقة. كما تؤكّد هذه الخطوة على جهود الحكومة في تحقيق نقلة بقطاع الطاقة للوصول إلى مزيج متنوع ومرن من الطاقة.

ويكمن أحد الأبعاد الاستراتيجية لإطلاق السياسة الوطنية للوقود الحيوي في أنها تعكس التزام الإمارات بالتحول نحو الاقتصاد الدائري، وترسيخ المفاهيم المرتبطة به في قطاع البنية التحتية والنقل والتصنيع، لتحقيق عوائد اقتصادية للدولة تدعم النمو الاقتصادي، حيث تعزز هذه السياسة استخدام النفايات كمدخلات صناعية لإنتاج مواد تنافسية، ما يصب في اتجاه زيادة القيمة المضافة لاقتصاد الدولة، كما هي الحال في «إنتاج الوقود الحيوي من زيوت الطهي».

ويأتي إصدار السياسة الوطنية للوقود الحيوي منسجماً مع الاستراتيجيات الوطنية لدولة الإمارات، فقد أطلَقت الدولة في عام 2017 «استراتيجية الإمارات للطاقة 2050»، كأول استراتيجية موحدة للطاقة في الدولة، هدفت إلى زيادة حصة الطاقة النظيفة ضمن إجمالي مزيج الطاقة من 25% إلى 50% بحلول عام 2050، وإلى الحدّ من البصمة الكربونية لتوليد الطاقة بنسبة 70%، وبالتالي العمل على توفير 700 مليار درهم بحلول عام 2050، كما تسعى إلى زيادة كفاءة استهلاك الأفراد والشركات للطاقة بنسبة 40%.

وفي عام 2021، أعلنت الإمارات المبادرة الاستراتيجية لتحقيق الحياد المناخي بحلول 2050، لتصبح بذلك أول دولة في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا تُطلق هذه المبادرة الاستراتيجية، التي أعقبتها مجموعة من التشريعات والإجراءات الهادفة إلى خفض الانبعاثات، وتقديم حلول الطاقة النظيفة.

وقد شكّل مؤتمر الأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغيّر المناخ «COP28» الذي استضافته دولة الإمارات عام 2023، خطوة نوعية وتتويجاً للجهود المتواصلة في مجال دعم مشاريع الطاقة البديلة والمتجددة، خاصة أن هذا المؤتمر عمل على تحديد التطلّعات والمسؤوليات تجاه العمل المناخي، وقدَّم فرصة لطرح الأفكار والرؤى المدعمة لتحقيق الحياد الكربوني وحماية البيئة.

إن الإعلان عن السياسة الوطنية للوقود الحيوي يعكس حرص دولة الإمارات على أن تكون في طليعة الدول الرائدة في مجال استخدام الطاقة النظيفة وحماية البيئة، ومما لا شك فيه أن هذه السياسة هي خطوة مهمة نحو تعزيز المسارات الخضراء في دولة الإمارات، وهي تطور مهم في إطار التزام الدولة بتحقيق الأهداف الاستراتيجية في مجال الطاقة.

*صادرة عن مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية.