يوم الاثنين الماضي كنت في طريقي للعمل صباحاً، حين فتح سائق السيارة التي تمشي أمامي نافذته ليرمي كوباً بلاستيكياً، وكأنه قد فرغ للتو من تناول كوب «شاي الكرك» الذي أخذه «تيك أوي» في طريقه لمحل عمله. حينها تساءلت: ترى ما الذي كان سيخسره هذا الشخص لو احتفظ بالكوب الفارغ إلى أن يصل وجهته ويرميه في إحدى سلال المهملات الموزعة في كل مكان؟ وكيف يمكن نشر الوعي بمسألة رمي المخلفات في الشوارع. في اليوم نفسه قرأت خبراً عن 1000 مخالفة ضد مرتكبي السلوكيات المرفوضة في أبوظبي، ومن ضمنها رمي المخلفات في الشوارع أو تركها في الحدائق. مثل هذا الخبر يفتح باباً على مدى وعي الناس بمفهوم نظافة المكان، واختلاف التعاطي الحضاري معه بين الإمارات وبين بلدانهم الأصلية، ففي الكثير من الدول ينام السكان في حدائق الشوارع، ويشوون ويطبخون على الحشائش مباشرة، ولا يحملون نفاياتهم معهم. في دول أخرى توجد شوارع كاملة متلفة بسبب بصق المواد الضارة كالتبغ وما يندرج تحته بالتصنيف، أو العلكة التي يرميها الناس بلا اهتمام، وبرغم تفاهة الموضوع الظاهرية، إلا أن مجرد العلم بأن دولاً كبرى كبريطانيا وإيطاليا وسنغافورة دخلت صراعاً عالمياً مع العلكة تقديراً لحجم الأزمة. فبريطانيا وحدها تستنزف أكثر عن 90 مليون جنيه إسترليني سنوياً لتنظيف الشوارع من العلكة، وإذا ضربنا هذا المبلغ بسعر صرف الجنيه الاسترليني سنحصل على ميزانية دولة ناشئة. وسنغافورة منعت دخول العلكة نهائياً إلى أراضيها، بل وفرضت غرامات على من «يعلج» في الشوارع، ولا تصل الدول لمثل هذه القرارات إلا بسبب استنفاد الحيل أمام من لا يحترم النظافة العامة. ويجلب الكثير من القادمين للإمارات ثقافات دولهم في التعاطي مع الأماكن العامة، ومؤخراً صرنا نرعى إعلانات ورقية تعلق على جدران المحلات أو الأزقة، إعلانات وفاة أو نعي تماماً كما يحدث في بعض الدول العربية، هناك أيضاً رمي المخلفات بين العمارات، وتعليق الملابس خارج النوافذ، والشوي على الأرض في الحدائق والمتنزهات. كل هذه الممارسات دفعت البلدية إلى إصدار كتيبات بالسلوكيات «الخاصة بالنظافة» المرفوضة، والتي يمكن أن يتعرض الشخص بسببها للعقاب، وطبعت هذه الكتيبات بمختلف اللغات التي يتحدثها العمال أو مستخدمو هذه المرافق علها تؤدي غرضها من حيث التوعية. التساؤل هنا لم لا يتم توزيع هذه الكتيبات في الطائرات القادمة للدولة، لتكون في متناول كل الوافدين الجدد للإمارات، لأن مجرد قراءة تعليمات المسموح والممنوع لمكان ما قبل دخوله يصنع من الهيبة في النفس ما يمنع الناس من اقتراف الخطأ، بينما قراءتها بعد الوصول ورؤية من يستهتر بها أساساً يجعل الأمور أقل وطأة على النفس وبالتالي لا تدرك أهميتها بالفعل. إنه مجرد اقتراح لبلدية أبوظبي نتمنى دراسته فلربما ساعد على نشر الوعي المطلوب.