سمعنا مؤخراً الكثير من الأحاديث التي يتهم فيها الإماراتيون بأنهم شعب استهلاكي، وأنهم يعشقون المظاهر، ويقعون في مطبات القروض من أجل شراء الكماليات لا الضروريات، وهم بالتالي مرفهون لا يدركون الفرق بين ماهو ضروري وما هو “كمالي”. يختلف مفهوم كلمة “كماليات” باختلاف الشخص المتحدث، فالكماليات في عين آسيوي وصل للتو من بلده، هي كل شيء يزيد عن غرفة ينام فيها على الأرض مع خمسة زملاء، ووجبة واحدة في اليوم، وقميصين يرتدي أحدهما ويغسل الآخر! كل ما يزيد عن هذه الأشياء هي كماليات بالنسبة له، حتى الهاتف المتحرك أو حذاء بديل لحذائه شبه الممزق.. كل شيء يزيد عما ذكرناه هو كماليات. الكماليات في اللغة هي الأشياء الثانوية التي يمكن الاستغناء عنها في حالة عدم وجودها، وبحسب هذا التعريف يختلف مفهوم الكماليات من شخص لآخر. حين يصل قادم جديد للدولة بغرض العمل، يُدهش بأن أغلب من حوله يمتلك سيارة خاصة، وهو القادم من بيئة تعتبر السيارة ترفاً محصوراً على من يملك أموالاً فائضة وأرصدة بنكية، مع الوقت تدور به دوامة العمل، ويعرف معنى الانتظار من أجل تاكسي، وكون مكان الإقامة يبعد عن مكان العمل مسافة لا بأس بها، ويبدأ المبلغ الذي ينفقه على التاكسي يزعجه، بعدها يجد أن السيارة ضرورة حتمية للعمل وليست من الكماليات، فيشتريها بالأقساط. الحياة في الإمارات لها خصوصيتها، وأن تكون أحد المواطنين وأبناء البلد فذلك يجعل لك وضعك الخاص، ومتطلباتك الخاصة. على سبيل المثال لا الحصر يعتبر الكمبيوتر المحمول”اللاب توب” من الكماليات في أغلب دول العالم، لكنه في الإمارات ضروري لكل طالب في المرحلة الجامعية، ولكل موظف ولكل ربة بيت، بالمثل ينظر الأجانب باستغراب لانتشار الهواتف المتحركة في أيدي الجميع لأنها في بلدانهم مجرد إكسسوار للمترفين، بينما يظل الهاتف المتحرك وسيلة ضرورية جداً للحياة في الإمارات، قيسوا على ذلك أن يمتلك كل شخص سيارته الخاصة، وأن توجد خادمة واحدة على الأقل في كل بيت، وأن تخصص سيارة “بيك أب” للعزبة أو المزرعة وغيرها من الأمور. الأشياء التي ذكرتها مكلفة مادياً، لكنها ضرورة ملحة في البيوت الإماراتية، وإن كانت في نظر من لا يعرف أسلوب الحياة الإماراتي مجرد “كماليات” .. المشكلة ليست في اقتناء الكماليات بالديون، لكن المشكلة في عدم وجود ضوابط تردع البنوك من رفع أسعار الفوائد، أو تحد من نسب هذه الفوائد التي تثقل كواهل الناس، نحن نحتاج لآلية تيسر للراغبين في الحصول على قروض لتحسين حياتهم، لا أن تكون هذه القروض سبب شقائهم. على معدي الإحصائيات أن يفندوا الأمور بعيون إماراتية لا أجنبية، وأن يدركوا أن الكماليات الأجنبية أوروبية كانت أو حتى من الدول العربية، هي كماليات في بلدانها فقط، لكنها ضرورية في بلد يتنعم مواطنوه بالرفاهية والحياة الكريمة. فتحية البلوشي