مع الانفتاح التجاري والاقتصادي الذي تشهده بلادنا الحبيبة، تطورت تجارة الأدوية الطبية تطوراً كبيراًَ وفاعلاً، وصارت الصيدليات الطبية أشبه بالسوبرماركت، تبيع مختلف الأصناف والأدوية، ما نعرفه وما لم نسمع به من قبل. ومع حجم الأدوية الضخم الذي تعج به صيدلياتنا، تضاعف الجهد على أقسام الرقابة الدوائية في الدولة، حتى تم استحداث مراكز خاصة لسموم الأدوية، ومختبرات ولجان. الشاهد في الموضوع أن الجهود الحثيثة القوية بهدف حماية الجمهور، يصارعها من الناحية الأخرى دخول الكثير من المستحضرات التي تعتبر تجميلية أو تكميلية «مكملات غذائية» أو مقويات، أو مراهم أو شاي حتى وفي محتوياتها مواد محظورة رسمياً، أو أنها غير معتمدة دولياً. ومع أن الجهات المعنية تحاول السيطرة على مثل هذه المواد، إلا أنها تجد الكثير من سبل الترويج للدخول، ولعل أغرب سبل الترويج هو البيع عبر الإنترنت في المواقع والمنتديات. يوم أمس الأول أعلنت وزارة الصحة عن ثلاثة مستحضرات تحوي مواد سامة أو مؤذية غير مصرح باستخدامها وتباع في الصيدليات، فكم من هذه الأدوية والمكملات الغذائية يباع في المواقع الإلكترونية. الجائل في قسم «السوق» أو «المول» في أي منتدى إماراتي سيجد منتجات طبية أو شاياً أو مراهم وكريمات ذات مفعول طبي تباع عبر المنتدى، مع صفحات طويلة تمتدح مفعول هذه المنتجات التي ترتكز عادة على تقديم الحل السحري لأبرز المشكلات «السمنة، إزالة تصبغات الجسد، وإعادة تشكيل الجسم». فماذا يعني أن تباع خلطات عشبية تعد مستعمليها بالنحافة الفورية، وتبرز علب شاي تستورد من الصين أو أندونيسيا أو من بقاع مجهولة لتباع دون المرور على أجهزة الرقابة الغذائية، ويتم الترويج لها بأنها منحفة أو مانعة للشهية. مستحضرات طبية، مراهم، كريمات لا أحد يستطيع معرفة مركباتها الطبية الفعلية، تقدم وعوداً بالتبييض ومساواة لون الجسد، وتقبل عليها الفتيات دون إدراك لخطورة أن تحتوي الزئبق السام أو الكورتيزون أو أي مركب يضر بخلايا الكبد والدماغ. أما الحبوب الدوائية فحدث ولا حرج.. حبوب للتنحيف، حبوب لسد الشهية، أخرى للتبييض وإكتساب لون ناصح، وحبوب للتسمين، حبوب أخرى كواقية للشمس يمكن ابتلاعها، وحبوب الفيتامينات وبناء الجسد. لا يمكن أن نستطيع حصر المنتجات الطبية التي تتداولها أيدي الناس في المنتديات، ويستودها البعض من دول مجاورة، مركبات كيميائية قد تسبب الوفاة لكنها غير خاضعة لأي فحص وموجودة على بعد نقرة ماوس. يبدو أن الحاجة ماسة لإصدار قرار يمنع المنتديات الإماراتية من السماح للبائعين فيها بترويج أي مواد طبية أو عشبية دون موافقة الجهات الرقابية، خاصة وأن المنتديات صارت مكاناً معتاداً للبيع والشراء، والكثير من الناس يعتمدون على الشراء منها ولا يجدون أي غضاضة أو شك بما يباع فيها.