تمثل دولة الإمارات العربية المتحدة نموذجاً لدعم قيم التسامح والوسطية والاعتدال والانفتاح وترسيخها، باعتبارها تمثل منظومة القيم الأساسية الضرورية ليس فقط لتجفيف منابع التطرف الفكري، وتحصين المجتمعات من خطر الجماعات المتشددة التي تحاول بث سمومها وأفكارها الشاذة بين النشء والشباب، وإنما أيضاً لبناء مجتمع مستقر ومتماسك وعصري وقادر على تحقيق التقدم والرفاهية لأبنائه والمساهمة الإيجابية في مسيرة الحضارة الإنسانية، والمشاركة الفاعلة في تحقيق السلام العالمي، ولأجل هذا أخذت الإمارات على عاتقها تنظيم المنتديات والمؤتمرات التي تتناول هذه القضية من أبعادها المختلفة، لأنها تؤمن بأن التطرف هو أخطر ما يهدد دول المنطقة ويستهدف استقرارها وتعايشها، بل ووجودها نفسه، وحذرت دائماً من أن مخططات القوى المتطرفة والإرهابية والمتعصبة لا تقف عند حدود دولة بعينها وإنما تشمل المنطقة كلها من دون استثناء. في هذا السياق فإن «مؤتمر الإمارات الدولي لأمن المخاطر» الذي انعقد مؤخراً تحت شعار «التسامح والوسطية والحوار في مواجهة التطرف»، وما خرج عنه من رؤى ثرية وتوصيات مهمة يجسد بوضوح الدور الفاعل الذي تقوم به الإمارات في تعميق وغرس مفاهيم التسامح والوسطية، كما يعكس في الوقت ذاته الثقة الكبيرة بتوجهات الإمارات ومبادراتها الرامية إلى إصلاح الخطاب الديني، وتفعيل دور المنظمات والمؤسسات المختلفة، التعليمية والثقافية والدينية، في تعزيز قيم التسامح والوسطية والحوار، وترسيخ هذه القيم، باعتبارها الأساس في مواجهة الأفكار المتطرفة والمتشددة. ولعل من أبرز التوصيات المهمة التي صدرت عن هذا المؤتمر هي تأكيد أن تعزيز مفاهيم الوسطية والاعتدال مسؤولية مجتمعية تشارك فيها المؤسسات الأكاديمية والإعلامية والمعاهد المتخصصة بالتعاون مع المؤسسات والهيئات الحكومية، لتضمين المناهج والمقررات التدريبية في الدورات والسياسات والحلقات الشبابية بمواد تعزز ترسيخ هذه المفاهيم، كما أكد المؤتمر ضرورة تعزيز التعاون المحلي بين المؤسسات الحكومية والخاصة وإقليمياً ودولياً لتتضافر كل الجهود في هذا الشأن المحوري، والعمل على توحيد الخطاب الإعلامي ومفرداته في السعي لتشجيع الحوار والإيجابية وقيم التسامح مقابل التطرف والانغلاق والتشدد. كما كان هذا المؤتمر مناسبة مهمة لتدشين بعض المبادرات التي تعزز قيم التسامح والوطنية، كمبادرة «الإمارات أرض التسامح»، التي أطلقتها وزارة الداخلية بالتعاون مع الأرشيف الوطني في وزارة شؤون الرئاسة، تقديراً وعرفاناً لما قدمه مؤسّس الدولة المغفور له، بإذن الله تعالى، الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، ودوره في بناء الدولة وتأسيس نهضتها، ومبادرة «علمني زايد» الرقمية، التي تتيح التعبير الإلكتروني عن حب القائد المؤسّس، وإحياء موروثه الزاخر من القيم والمبادئ النبيلة، وخاصة أنه، رحمه الله، ترك تراثاً إنسانياً رائعاً في الانفتاح والتسامح والدعوة إلى الحوار بين الشعوب والأديان والحضارات ونبذ التعصب والعنف، ووضع أسس النموذج الإماراتي في التسامح والتعايش، الذي أصبح محل تقدير دول المنطقة والعالم أجمع. وتحرص دولة الإمارات على تعزيز قيم التسامح والتعددية والتعايش بين الشعوب والثقافات باعتبارها المدخل الرئيسي للتصدي لقوى التطرف والإرهاب التي تتغذى على خداع البسطاء عبر شعارات زائفة لم تقدم لهم سوى الوهم والدمار والدم، كما أنها في الوقت ذاته، أي هذه القيم، تقدم صورة حقيقية للدين الإسلامي الحنيف، باعتباره دين العلم والفكر والعقل والحوار والتسامح، ولأجل هذا فقد تعددت المبادرات والآليات التي استحدثتها الإمارات لتحقيق هذا الهدف، كإنشاء واستضافة المؤسسات المتخصصة مثل مركز «صواب» الذي يستهدف التصدي لرسائل التطرف والإرهاب الإلكترونية، ودحض عقيدة «داعش» التي تقوم في جوهرها على الكراهية والتعصب والعنف في وسائل التواصل الاجتماعي، ومركز «هداية» الذي يهدف إلى إيجاد أرضية مشتركة للحوار وتبادل الرأي وتنسيق الجهود مع المؤسسات المحلية والمنظمات الإقليمية والدولية من أجل بناء القدرات وتقديم برامج لمكافحة التطرف العنيف، إلى جانب «مجلس حكماء المسلمين» الذي يهدف إلى التعريف بالوجه الحقيقي لديننا الإسلامي الحنيف «ومنتدى تعزيز السلم في المجتمعات المسلمة» الذي يهدف إلى تأصيل مبدأ السلم عند المسلمين. عن نشرة «أخبار الساعة» الصادرة عن مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتجية