أوقات السكينة قصيرة في السياسة الكولومبية. ففي الأسبوع نفسه الذي حصل فيه خوان مانويل سانتوس، الرئيس الكولومبي السابق، على جائزة نوبل للسلام عن جهوده لإنهاء أطول اقتتال داخلي في العالم رفض الكولومبيون خطته للسلام. وصمدت خطة السلام لكن الاستياء من نواحي قصورها ساعد في انتخاب المرشح المحافظ «ايفان دوكي» رئيساً للبلاد الذي لن يحظى بفترة راحة على الأرجح. والاقتصاد ضعيف والفساد عميق. ورغم أن كولومبيا لم تعد دولة في حالة حرب لكن من الصعب القول إنها تعيش حالة سلام. ومع أداء «دوكي» اليمين الدستورية يوم الثلاثاء الماضي، نفذت جماعات مسلحة أربع هجمات منفصلة في الريف في لافتة واضحة على أن تجارة الكوكايين والعنف مازالا مستشريين في المناطق التي اُعتقد ذات يوم أنها أصبحت خالية من الصراع.
وبالإضافة إلى نزق المواطنين في الداخل، يواجه «دوكي» أيضاً تحديات كبيرة من أصدقاء وجيران في الخارج، فقد تولى المنصب في الوقت الذي أدى فيه انهيار فنزويلا اقتصادياً إلى إرسال ما يقرب من مليون لاجئ إلى الحدود المشتركة بين البلدين مما نشر الفقر واليأس والأمراض التي كانت قد اندثرت مثل الحصبة. ويرى ارستوديموس ليوبولوس من «وحدة معلومات ايكونوميست» للتحليلات الاقتصادية التابعة لمجموعة ايكونوميست أن «دوكي وعد أن يقلص الضرائب والإنفاق العام ومازال يتعين عليه أن يعالج أزمة اللاجئين».
لكن هناك ما يدفع إلى الاعتقاد أن «دوكي» يستطيع السير على الطريق الصحيح. فرغم أن تركة «سانتوس» متباينة النتائج، إلا أن كولومبيا في وضع أفضل، فبعد عامين من الركود، أخذ الاقتصاد في التعافي، والعجز في الميزان التجاري والحساب الجاري يتضاءل والتضخم منخفض وأسعار النفط تتصاعد من جديد، والاستثمارات الأجنبية تتصاعد رغم تراجعها في المنطقة. وذكر كارلوس دو سوسا المحلل البارز في شركة «أوكسفورد إيكونوميكس» للتحليلات الاقتصادية أن «كولومبيا حققت نموا أقل من المتوقع منذ انهيار أسعار السلع الأولية بعد عام 2014. نتوقع دورة صاعدة مع تحقيق نمو بنسبة 2.6% عام 2018 تزيد إلى 3.4% في العام التالي، وهذا سيعزز فرص العمل».
وبسبب قوة علاقاتها التجارية مع منطقة آسيا والهادي، قد تستفيد كولومبيا أيضا من حرب تجارية بين الولايات المتحدة والصين. لكن هذه المكاسب قد يضيعها جزئيا نمو أضعف في الصين وزيادة الاحتياط الاتحادي الأميركي لسعر الفائدة مما قد يستنزف رأس المال الأجنبي. ويرى ليوبولوس، من وحدة معلومات ايكونوميست، أن القضية تتعلق بقدرة دوكي على «تعزيز الاقتصاد قبل حدوث هبوط عالمي».

ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»