«حق الليلة» من العادات والإرث الإماراتي القديم، وهي مناسبة تأتي في النصف من شعبان، وإعلان وتحضير واستعداد لشهر رمضان، وتكاد تكون احتفالية خاصة بالأطفال، يفرحون كثيراً بهذه الفرصة الجميلة التي تأتي كل عام، وتزرع في نفوس الجميع البهجة والسرور، ومساء هذه الليلة، يتوافد الأطفال على الجيران وسكان الحي القريب من مساكنهم لأخذ الهدايا البسيطة، والتي لا تخرج عن الحلويات والمكسرات، وتزدان هذه الليلة بالفرحة الكبيرة عند الصغار، وهم يتبخترون بملابسهم الجديدة والجميلة، ويتألف الصغار من أعمار لا تتجاوز العام إلى الثانية عشرة، تقل أو ينقص قليلاً، في الإمارات سارت أجيال خلف أجيال في إحياء هذه الاحتفالية بسعادة وسرور، بل إن الأهالي يجدون فرصة لهم ولأطفالهم لغرس روح الحب والتسامح وتبادل الزيارات بين الجيران والأهل والأحباب. «حق الليلة» عادة جميلة ومعززة لروح الحب والرحمة والفرح، الجميع يسعد بهذه الاحتفالية، والتعرف إلى أطفال الحي، وزرع روح التواصل بين الناس، كذلك الانتباه بأن رمضان على الأبواب، ويتطلب الاستعداد له، سواء من توفير الحاجيات، أو ترتيب الوضع للزيارات المرتقبة من المعارف والأهل والأصحاب، لم نسمع أحداً يذهب بعيداً في تفسير أو نقد هذه العادة الجميلة، فقط عندما ابتليت منطقة الخليج العربي، والإمارات ببعض الإخوان المسلمين المتزمتين ودعاة التشدد والحذلقة الدينية، والذين تسللوا إلى منطقة الخليج العربي في غفلة من الزمن، وركوب موجة الدين الغاضب من كل جميل ومفرح في الثمانينيات وبعدها، حيث استطاعت هذه الجماعات أن تجد لها منابر وموطأ قدم والبدء في الاستيلاء على المؤسسات التعليمية والدينية، ومنها امتدت أياديهم إلى الكثير في شؤون الحياة العامة والخاصة، لولا يقظة العارفين والحريصين على سلامة البلاد والعباد من أفكارهم المسمومة لأصبح الخليج العربي الآن في وضع آخر. لم يتبق لهؤلاء غير الفتاوى العجيبة في تجريم هذا وتسفيه ذلك، أو السعي لإزالة حتى ما هو متعلق بالتراث والعادات الاجتماعية الجميلة، فقد ذهبوا بعيداً في تناول حتى «حق الليلة»، أو عادات جميلة أخرى بأنها لا تجوز ومكروهة، وربما في نظرهم جاهلية، وتؤدي إلى الشرك، وحسناً فعلت إدارة الأوقاف بأنها قالت وأكدت أنها عادة اجتماعية وتراثية وثقافية، لا ضرر منها، هؤلاء الذين بليت بهم منطقة الخليج العربي دعاة الظلامية والتخلف لن ينجحوا في زمن الحب والسلام.