في إحدى مباريات كأس العالم، كان مجموع ثمن الـ 22 لاعباً على أرض الملاعب مليار وسبعمئة مليون دولار، أي 770 حقيبة كل واحدة منها فيها مليون دولار. ونحن نعرف أن سعر 100 مليون دولار أو يورو، بات سعراً عادياً للاعبين هذه الأيام، بل وصل السعر إلى حوالي ربع مليار يورو مع نيمار الذي لا يستحق هذا المبلغ، لا هو ولا أي لاعب في الكون كله، ولكن السوق والعرض والطلب، هما من يفرضان هذا الواقع، علماً بأن أول لاعب وصل إلى حاجز المليون دولار، كان الهولندي كرويف، عندما انتقل لبرشلونة، قادماً من آياكس، مقابل 922 ألف جنيه إسترليني، أي ما يعادل مليون وربع من الدولارات، فيما كان مارادونا أول لاعب في التاريخ يكسر حاجز 3 ملايين دولار، عندما انتقل من بوكا جونيورز الأرجنتيني إلى برشلونة عام 1982، ثم حطم رقمه القياسي بصفقة 5 ملايين دولار من برشلونة إلى نابولي. من العجيب أن يكون سعر نيمار هو سعر كل لاعبي الدوري الفرنسي، ماعدا لاعبي موناكو، ومن العجيب أن يكون هناك لاعبون عرب وإماراتيون يتجاوزون حاجز المليون درهم شهرياً، والمشكلة ليست في رواتبهم، لأنها تخضع لمنطق السوق والعرض والطلب، ولكن غير المنطقي أن تكون الأندية مديونة، أو على شفير الإفلاس، أو تنتظر الدعم، ومع هذا تتسابق على صفقات تتجاوز إمكانياتها، وهو ما حدث للأندية السعودية التي وصلت ديونها لأكثر من مليار ريال منها، 300 مليون لنادي الاتحاد وحده، ولهذا تم اتخاذ إجراءات جذرية تضع حداً لتضخم الرواتب المحلية، وإشراك ثمانية محترفين، وتحديد سقف الرواتب بشكل لا يقبل اللعب من تحت الطاولات، وهو الذي يهدد أي اتفاق أو قانون أو فكرة للحد من الصرف، وهو ما تلجأ إليه غالبية الأندية حتى لا يتسرب لاعبوها للأندية المنافسة، فيتم إغراقهم بالهدايا من فلل وسيارات ومكافآت وأموال خارج إطار الرواتب لتعوض السقوف النظرية، وبالتالي نبقى ندور في نفس الحلقة المفرغة من الصرف الذي يفوق الموارد. من حق اللاعب أن يقبض أعلى أجر ممكن لقاء موهبته، كما من حق الإعلامي والطبيب والمهندس والمطرب أن ينال أعلى أجر لقاء دراسته أو شهرته أو موهبته، ولكن من يحدد سقوف المدفوعات هو الشاري والسوق، وعندما تكون حفلة أهم مطربي المنطقة بخمسين ألف دولار، فلن يتجرأ أحد ويطلب مليون دولار، لأن الطلب وقتها سيبدو غريباً، وطالما لن يدفع أحد المليون دولار، فسيبقى مبلغ الخمسين ألفاً هو سيد الموقف، واللبيب من الإشارة يفهم.