قبل عشرين عاماً من الآن لعبت إنجلترا مباراة رائعة ضد الأرجنتين في الأدوار الإقصائية لمونديال فرنسا 1998. لا زلت أتذكر كل تفاصيل تلك المباراة. مايكل أوين، والهدف الخرافي الذي سجله وتسديدة شيرر،وباتيستوتا والركلة الحرة، وما حدث بعدها بين بيكهام وسيموني، والتي أدت إلى طرد بيكهام، كانت موقعة حامية! الإنجليز خسروا تلك المباراة بركلات الترجيح، وفي اليوم الثاني خرجت إحدى الصحف الإنجليزية بمانشيت شهير ظل راسخاً في ذاكرتي،«عشرة أبطال وطفل واحد»، في إشارة لاستهتار ديفيد بيكهام ونيله بطاقة حمراء بلا داعٍ! اليوم عادت إنجلترا التي الواجهة مجدداً، وأصبح حديث الشارع الإنجليزي والعالمي، بحكم أشياء كثيرة، والشعب هناك تفاعل مع منتخب بلاده بطريقة لم يعتادوها، وكذلك وسائل الإعلام والصحف والنقاد وكبار المحللين والمؤثرين عندهم. الكل تعاطف والكل صفق والكل شجع، عكس المرات السابقة التي كان يعود المنتخب من الخارج، وهو يجر خلفه الفشل خلفه وسط هجوم شرس من الجميع. وبكلمات يصعب أن تتقبلها، وبصور وتعليقات وعناوين وكاريكاتير تجعل منتخبهم الأول والمدرب بمثابة نكتة قاسية! ولكن هذه المرة كانوا راضين وكانوا متقبلين وكانوا يصفقون، لأنهم شعروا بأن الجميع قدم كل ما عنده، وأن الفريق أعطى وطنه أكبر جهد وتركيز ممكين، وأنهم فعلاً كانوا يريدون إعادة كتابة التاريخ، ولكنهم خسروا في الأوقات الإضافية، وعادوا برأس مرفوعة. ولّد هذا الشعور حالة الرضا التي يعيشها الشارع الإنجليزي حالياً، فمن الصعب أن تحظى برضا صحيفة واحدة وناقد واحد، هذا المنتخب أجبر الجميع أن ينحني له! هذه النتيجة حتى وإن أحبطت محبي الكرة الإنجليزية، ولكن الجميع متفق أنها ستكون نقطة انطلاقة إلى القمة. الإنجليز يريدون استكمال مشروعهم، ويريدون تغيير صورتهم، ويسعون فعلاً لصناعة منتخب جديد بأيديهم لا بأيدي الأندية، وهذه كانت معضلتهم السابقة، وللأسف يظن البعض أن الأندية وحدها، هي من تصنع، وهي من تعد، وهي من تكوّن، ولو اقترب قليلاً من الرؤية الألمانية أو النهج الياباني أو الأسلوب البلجيكي لأدرك الحقيقة الجديدة في صناعة المنتخبات الوطنية، ولكن القربة لا زالت مقطوعة، وربما بالية! كلمة أخيرة زلاتكو ولدنا في النهائي.. مبروك.