نجحت روسيا في كل شيء.. التنظيم، الاستضافة واختيار المدن وتصميم الملاعب والفنادق ومقرات الإقامة والمطارات والتنقل والمراكز الإعلامية، كل شيء في البطولة كان يؤكد أن الإمبراطورية القديمة والتي تحولت اليوم إلى جمهورية ذات طابع خاص تمكنت من تغيير وجهة نظر العالم فيها، روسيا ليست ذلك البلد المتزمت وليس سكانها من أصحاب الميول العنيفة أو الجافة كأقل تقدير وروسيا ليست متقوقعة على نفسها كما صورت لنا بعض الأفلام، كان بلداً منفتحاً ومرّحباً ورائعاً للجميع، وحققت هذه الدولة واحدة من أفضل الاستضافات في العقود الماضية. خلت هذه النسخة من الأخطاء التحكيمية الفادحة، ومن القرارات التي غيرت مسار المنتخبات ونتائج المباريات، ولكن السؤال هنا: هل يجب أن تكون كرة القدم ذات عدالة مطلقة، وهل نحن في محكمة كي نبحث عن أدق التفاصيل ونحكم عليها بناءً على استشارات عبر سماعات الآذن أو عبر الكاميرات، سؤال آخر: ما هو الجدل الذي خرجنا منه في البطولة.. لا شيء!.. فكرة القدم حلاوتها وقيمتها وإرثها في الجدل والاختلاف الذي يحوم حولها. الناس تتحدث عن هدف إنجلترا في مونديال 1966 وعن هدف مارادونا في مونديال 1986 وعن هدف أندرياس بريمه في نهائي مونديال 1990 وعن مباراة كوريا الجنوبية وإيطاليا في مونديال 2002، ولكن عن هذه النسخة يا ترى ما هي الحادثة التاريخية التي ستبقى صامدة في الذاكرة سنين طويلة، هل تعتبر مبالغة نيمار واحدة منها بالتأكيد لا.. وهل يمكن أن نتحدث عن عكاز مدرب أوروجواي، أو عن ماذا بالضبط.. كرة القدم شهرتها وقوتها وشعبيتها وبقاؤها لمدة طويلة كمادة إعلامية وجماهيرية يكمن في الجدل الخاص بها، فإن تقلص هذا الجدل وبدأ في الاختفاء ستفقد اللعبة الكثير من رونقها! الشارع الرياضي الإماراتي تعاطف مع زلاتكو بصورة كبيرة، فهو ليس المدرب الوحيد الذي غادر دورينا، ويقود منتخباً في المونديال، فهناك البرازيلي تيتي، والبرتغالي كيروش، من الذين سبق لهم أن كانوا في ملاعبنا، وهناك السويدي بيرج والمغربي بوصوفة كلاعبين، ولكن لزلاتكو خصوصية متفردة.. فاحترامه وتقديره وارتباطه بنا وبالناس والبلد، جعله مختلفاً في قلوبنا.. كسب محبة الجميع بتعامله وباحترامه لمهنته وباحترامه لكل من اختلف معه، فمن الطبيعي أن يختلف المسؤولون أو الجماهير مع أي مدرب مهما كانت عظمته، ولكن رقي هذا المدرب أجبر الجميع على التعاطف معه وتشجيع كرواتيا والميول معه مهما كان المنافس. كلمة أخيرة ليت غيرك يا كوتش يتعلم منك كيف تكون محبوباً حتى لو غادرت!