موسكو هي مسك الختام، هناك في مسرح الأحلام، مباراة نهائية ولكنها بذكريات نصف نهائي 1998، بين إعادة السيناريو أو روح الانتقام، عندما تقدم سوكر للكروات قبل أن يقتل آمالهم تورام، فرنسا وكرواتيا وكأس العالم ثالثهما، كأس العالم بينهما، بعد مونديال تلاعب بالأعصاب، تساقط الجميع وظلت فرنسا واقفة على أقدامها، ومعها كرواتيا التي كانت مفاجأة حقيقية، بل كانت قنبلة نووية، انفجرت في وجه الجميع، رفضت الاعتراف بالترشيحات المسبقة، آمنت بأن المجد هو لمن يصنعه، فرنسا وكرواتيا قمة المتعة. فرنسا التي تخوض المباراة النهائية للمرة الثالثة في تاريخها واليوم تبحث عن اللقب الثاني، نجحت مرة وفشلت في الأخرى، واليوم الثالثة تبدو مكافأة مستحقة للديوك الفرنسية، ولمصانع الإنتاج والأكاديميات التي أفرزت هؤلاء المواهب الذين يلعبون في أكبر الأندية الأوروبية، وبالنسبة للفرنسيين، فهي حقب أجيال لا تتوقف العملية الإنتاجية في هذا البلد، فدائماً لديهم المزيد، يرحل جيل فينهض جيل جديد، وفي كل العقود الثلاثة الماضية لديهم منتخب يولد من رحم الإعجاز، في كل عقد لهم موعد مع منصات التتويج وسجلات الإنجاز. أما الكروات، فقد قدموا هذا الجيل، يرفض المنطق ولا يعترف بالمستحيل، جاءوا من بعيد وكانوا على وشك الخروج من مرحلة التصفيات، أقالوا مدربهم السابق، وجاء زلاتكو، طموحاته بلا حدود، كلما راهنوا على سقوطه كانت أقدامه ثابتة على الأرض، لا يزال يحلم، ومباراة اليوم هي خلاصة الحلم، وقمة القمم، تخيلوا دولة لا يزيد عدد سكانها على 4 ملايين نسمة، وتتوج على عرش كرة القدم. كل مباريات المونديال السابقة في كفة ومباراة اليوم حكاية مختلفة، هي أم المباريات، والحدث الذي لا يخرج من ذاكرة التاريخ، كل نجوم العالم جاءوا إلى روسيا بهدف الوجود في أمسية هذا المساء، كلهم خرجوا، تساقطوا تباعاً، وتبقى منتخبان، أثبتا بالأدلة والحقائق والأرقام، أنهما الأفضل والأكثر قدرة على مقارعة الأحلام، كرة القدم ليست علماً صحيحاً، ولكنها أيضاً لا تلهث خلف الأسماء، هي تنحاز للروح القتالية والتهيئة النفسية والقدرة على العطاء. فرنسا وكرواتيا، الثلج والنار، العطر والسحر، العقل والقلب، باريس أو زغرب، والعالم يقف مشدوهاً على أطراف أصابعه هذا المساء بانتظار عروس مباريات المونديال، و90 دقيقة قد تزيد، لكنها بالتأكيد ستحمل إجابة لهذا السؤال، لمن ستبتسم الدنيا ومن هو صاحب اللقب السعيد؟ من سيضحك أخيراً؟ ومن سيكون الأفضل ويصبح البطل؟ فرنسا لقب ثانٍ أو كرواتيا مجد أول.