إطلالة على الأزهار الجميلة التي تتشح بشال من الأقواس الفريدة والمعتقة، وهي تقترب من روح الحياة.. إطلالة من علو جبلي مبتهج بشهية الأحجار والمطر، وبصلابة المكان النقي الشفاف، هناك حين تحفل الطبيعة بجمالها الأبدي، وحين ترتسم بألوان الخيال المثيرة للعقل، هناك حيث لا بد أن تجنح نحو لغة خصبة متزنة أو عشوائية قابلة للجموح، فلا شيء يسكنها سوى المجهول العازف على الأزل، فالإنسان يبدو هنا متأملاً لروح المكان أو لروح الحياة. لربما العصافير وحدها تحلق دون أن تموج بعيداً، متفردة بصوتها، متجسدة بريشها، وبقلبها المرهف تحلق في الأفق، كيف لها أن تعد دقات المسافات؟ كيف لها أن تشاغب الريح؟ أو تقرأ علو المكان؟ كيف لها أن تثق بشجرة وهي متمردة على أغصانها؟ لكن للشجرة علو المنبر رغم الرياح، وعلى العصافير أن تعلم صغارها كيف تحلق ومتى تسكن، وأن توشوش في عقولهم الصغيرة ما معنى الحرية، أو عليها الاكتفاء بالنفس، لا يعنيها متى تزهر الورود، ومتى تفيض ألوانها بالماء الفرات البارد، المتعرج بين التيه وهشاشة الصخور المبتلة.. هنا قلب الينابيع يدق في صخور الزمن، وهنا شيخوخة الأشجار، وهنا مملكة الطبيعة تحضر في السحر، وجل السنوات تحضر، والغياب المتبرج في تضاد ما بين اللحن الحزين ووتر بدأ يشرئب فرحاً، ولحن يعانق إضمامة الحياة في ترتيب فصولها، يا لها من أقدار تسكن الطبيعة. وهذا لأفق الاشتهاء الجميل يلوح بالفرح، يقترب من فلسفة ما وراء الكون، ربما لا يعيها الإنسان نفسه حتى في تأمله، وفي نشيده الروحي يبتكر لنفسه الدعاء، ويهيئ لنفسه من العبر التي يستمدها من الوقت، ينظر إلى حبات المطر، فمن لؤلؤها تسقط في إناء الحجر وتستقر، وتتململ من سقوطها إلا أنها لا تفشي سرها للنباتات الخضلة، وتعتنق مسارات النهر الممتد والملتوي، إلا أنها تحمل حلمها الجميل في حبات لا تفقد بريقها. من الأفق الجميل حصائل ذكرى الحياة تفصح، فمنذ خلق الله آدم أشار إليه بما يشتهي ولو استلذ من ثمرة الجنة، وحدث أن آدم، بوسوسةٍ من الشيطان الرجيم، أكل الثمرة، وبذاته العظيمة أهبطهما الله وذريتهما الأرض، لكي تبدأ الحياة، ويبدأ شعور الإنسان بجوهر الحياة، وانسجام الطبيعة بالحياة والحب... لا شك أنها منظومة جميلة تشرق بفكرة.