في حياة الشعوب هناك أحداث عظيمة، تكون هي كمفرق الرأس، تكون كضفة النهر، تأخذك إلى الأفق، وتضعك في عمق الحياة، وفي الإمارات أصبح يوم الثلاثين من يوليو سنة 2003م يوماً تشقشق فيه فجر الطفولة، وأرخت الشمس خصلاتها الذهبية، وتلونت السماء بلون الفرح، وهي تفترش أنجم الليل لآلئ فرحاً بإصدار مرسوم تأسيس المجلس الأعلى للأمومة والطفولة، لأنه في هذا اليوم تصبح الإمارات السبّاقة في إضاءة طريق الطفولة بمصابيح العناية، والرعاية، وتسديد الخطوات نحو غايات السعادة، ورايات الظفر بمكان بين النجوم، وموقع على خريطة النجاح، والوصول إلى كواكب الأحلام الكبيرة عبر مراكب الإرادات التي لا تلين، ولا تستكين، ولا تخف، ولا تكف عن بلوغ الأمجاد، وتحقيق كل ما يراد من طموحات، يعجز عنها من لا تضمه الأحضان الدافئة، ولا تحتضنه القلوب المتدفقة حباً، كما هي الأزهار في بساتين العطاء.
الإمارات أبدعت في صياغة سجادة الحب، حين غزلت خيوطها من حرير الوعي، ونسجت خصلاتها من أوتار ناي الصحراء الأسطوري، وجعلت من الطفولة أنشودة خالدة تتغنى بها طيور السفر الطويل، وتهدل بها حمامات البر الصافي.
الإمارات أنجزت في الوعي الإنساني ما يخلب اللب، ويكسب الإنسان قيمة وجوده على هذه الأرض، عندما سنت للطفولة قانون الرعاية، ومدت الذاكرة البشرية بسجل وافر من العمل الدؤوب في خدمة الطفولة، لكون الطفل هو البذرة التي تخرج منها الشجرة العملاقة، ولكون الشجرة هي الظل، وهي الخل الوفي لأرض تحتاج إلى علاقة ودودة، يحلم لها كل من يؤمن بوحدة الوجود، وأهمية التعلق بهذا المبدأ لأنه الخيط الذي يربط الإنسان بالحياة ولأنه النهر الذي يأخذه إلى السعادة، ولأنه المرآة التي يرى من خلالها نفسه بوضوح، ومن غير غبار، أو سعار، أو نار تعرقل وصوله إلى المجد الذي يصبو إليه.
بهذا المعنى فهمت القيادة أهمية العناية بالطفولة، وضرورة إرواء هذه الحويصلات الدقيقة بماء المكرمات، كي تصبح عشباً يانعاً، وزرعاً خصيباً، تنمو بين سنابله مشاعر محبي الحياة وعشاق الوجود، والذين يسهرون على كتابة أسماء النجوم على صفحات الفرح، ذاهبين إلى الطموحات بضمائر لا يمسها عصاب، ولا مصاب، لأنها ضمائر تتحدث بمنطق الحاضر، وتكتب الجملة بوحي وسعي الفاعل المرفوع دوماً من دون إدغام، أو لعثمة.
الإمارات اليوم المكان الذي تتبوأ فيه الطفولة مكان البلابل على أيك الجذل، وتغاريد الانتماء إلى الحياة، من دون ما يعكر صفوها فساد الغرف المغلقة.