الوسط الرياضي هو عالم من الغموض، أسرار في كل مكان، كل شيء يجري بالسر، قرارات تصدر ولا تنشر، عقوبات ولوائح وقوانين وتعميمات وتوصيات، ومع ذلك لا يعلم عنها أحد، وإلا فماذا يعني إيقاف رياضية إماراتية عن ممارسة الرياضة مدى الحياة؟، ولا يتم الإعلان عن العقوبة، وكأنها لفت نظر، أو إنذار أخير، مع أنها إنهاء مشوار رياضي هكذا وبجرة قلم، والغريب أن الشارع الرياضي في الدولة كان آخر من يعلم.
قضية العداءة إلهام بيتي في حد ذاتها تتشابك فيها كل عناصر الغموض والسرية بشكل لافت، فقد تم ضبطها في سرية تامة، وإيقافها دولياً بسرية أكبر، والتحقيق معها داخلياً وتبرئتها من دون «شوشرة»، ثم تم إحالة الملف إلى محكمة التحكيم الرياضي «كاس» التي أصدرت قراراً بإيقافها، ومع ذلك، لم يعلن اتحاد ألعاب القوى عن فحوى العقوبة، وأخيراً تم تشكيل لجنة تحقيق من قبل الهيئة العامة للرياضة، وأصدرت توصية سرية للغاية، قبل أن يأتي القرار الصادم بإيقافها مدى الحياة، ليتواصل الغموض وتتزايد الشكوك، وكأننا نشاهد إحدى روائع المخرج الشهير الفريد هيتشكوك.
نعم أخطأت إلهام بيتي خطأ فادحاً، ونالت عقوبتها بالإيقاف لمدة عامين، وتجريدها من الألقاب التي حصلت عليها لفترة معينة، وكانت العقوبة الصادرة من أعلى محكمة رياضية في العالم، وبالتالي هل تستحق عقوبة مضاعفة؟، وهل هو جائز قانونياً أن تعاقب مرتين على مخالفة واحدة؟، وبالمناسبة يجب أن يتم رفع قرار العقوبة الصادرة إلى الاتحاد الدولي لألعاب القوى، ولا أعتقد أن القرار سيعجبهم كثيراً، خصوصاً أنه يتعلق بمسيرة احترافية لرياضية ارتكبت مخالفة وتم معاقبتها حسب لوائح الاتحاد الدولي، ولا أدري، هل سيقف صامتاً حيال أي عقوبة إضافية؟ خصوصاً وأنها تعني عدم قدرتها على ممارسة أي رياضة في المستقبل.
نعم أخطأت إلهام بيتي، ولكن هل هي الوحيدة التي تستحق العقوبة؟ فماذا عمن دعمها، ومن الذي سهل لها عملية التنشط بالدم؟ خصوصاً أنها مكلفة، ولا يمكن أن تقوم بها بمفردها، وماذا عمن تستر عليها، وحاول إخفاء عقوبتها الدولية والترويج إلى غيابها بسبب الإصابة، ومن ثم التسويق إلى أنها ستكون جاهزة للمشاركة في آسياد جاكرتا، ولا أتوقع أن يتم إغلاق صفحات هذا الملف بالقرار الأخير والإيقاف مدى الحياة، فلا زالت للقضية فصول أخرى وتبعات لن تتوقف، هذا يحدث عندما نغض البصر عن كل الحلقات، ولا نرى سوى الحلقة الأضعف.