خلال الأيام القليلة الماضية، جرى عبر مواقع التواصل الاجتماعي تداول قصة أم كورية جنوبية، وزعت، خلال رحلة طيران طويلة من عاصمة بلادها سيؤول إلى سان فرانسيسكو الأميركية، أكياساً فيها حلوى وعلكة وسدادات إذن على كل واحد من المسافرين الذين يزيد عددهم على مئتي مسافر كانوا على متن الرحلة. في لفتة اعتذار مسبقة عن أي إزعاج قد يتسبب فيه لهم طفلها الرضيع، من بكاء أو صراخ، وأرفقت مع الكيس رسالة على لسانه تقول: «مرحباً.. أنا جان وو، عمري 4 شهور، واليوم أنا مسافر لأميركا مع أمي وجدتي لزيارة عمتي، أنا متوتر قليلاً وخائف لأن هذه أول رحلة طيران لي في حياتي، فمن الطبيعي أن أبكي أو أتسبب ببعض الإزعاج، سأحاول أن أبقى هادئاً، لكن لا أستطيع أن أضمن ذلك، اعذروني، ولهذا السبب جهزت ماما لكم حقيبة فيها بعض الحلوى وسدادات أذن، استخدموها من فضلكم عندما يصبح صوتي عالياً.. استمتعوا برحلتكم وشكراً»، ومهما كان من صحة الواقعة أو عدمها، فإنما تعد من صور احترام الآخرين في مثل تلك الأماكن وغيرها، بينما هناك من لا يكترث براحة من حوله.
حدثني صديق مسافر على درجة الأعمال، كيف كان يمنِّي نفسه بنوم مريح في مقاعد تلك الدرجة التي تتحول لأسرّة في رحلة جوية طويلة تتعدى العشر ساعات، فإذا بتلك الأمنية تتبخر مع هدير شخير جاره، وصخب ثنائي ثمل في الزاوية الأخرى.
إزعاج يحصل ولا يد لبقية المسافرين فيه، غير استيعاب الأمر وتحمله على مضض ريثما يصلون بسلام إلى وجهاتهم المقررة.
تزاحمت أمامي تلك المواقف عندما سمعت بأنه سيتم السماح لركاب رحلات تجارية باصطحاب حيواناتهم الأليفة معهم في مقصورة المسافرين، وليس في أقسام الشحن بالطائرة. 
تخيل نفسك في رحلة طويلة كانت أو قصيرة أو متوسطة الزمن محاطاً ببكاء رُضع من جهة، ومن الجهة الأخرى بمواء قطط أو نباح كلاب (أعزكم الله) تتبدد معها كل تصوراتك ومخططاتك عند الوصول. الخطوة بصراحة لا تمت بصلة للمنافسة التجارية وحوافز استقطاب المسافرين في زمن تعافي صناعة السفر والسياحة لما بعد جائحة كورونا. كما أنها غير مدروسة من حيث طبيعة المجتمع وأفراده، ورغبة كل مسافر بأن ينعم بالهدوء والراحة طيلة مدة رحلته مهما كان زمنها.