- عند واحة الكرامة أو النصب التذكاري لشهداء الواجب، وعند مرقد ذلك القائد الغالي، والذي لا يكف ولا يجف الدمع عند ذكره، وتذكره، وجبت الفاتحة وقراءتها عليهم جميعاً مترحمين وداعين وسائلين لهم شآبيب الرحمة والمغفرة ونزل الأنبياء والشهداء والصديقين، وقد مرّ على الذاكرة رجال كانت غايتهم الوطن، وغايتهم النبل حين يكون تاجاً على رؤوس الرجال، تركض بهم الأحلام خلف كلمة «ونِعْمّ»، ما مات من خلّف، رجال تناسلوا من رجال، والوطن هو الظل، وهو التعب، وهو صهيل النجاح.
- في غمرة فرحة وطننا بالخمسين وتطلعنا باتجاه المئوية، وجب علينا الدعاء، لكل شهداء الوطن، من الأولين الذين حموا تراب هذه الدار، وغابوا عنها وعن ذاكرة أبنائها اليوم، كان يكفيهم أن «ينقع الصايح» لتجدهم أول المُلبين، لا متلكئين، ولا سائلين، هؤلاء بقوا في صدور بعض الناس، تتناقل الحكايات شفاهة عن تضحياتهم وبطولاتهم، وغاب تدوين سيرتهم، مثلما علينا الدعاء والصلوات لكل شهداء الواجب، في كل مكان، كان لقواتنا المسلحة، ومؤسسات الخير والنفع الإنساني في وطننا الجميل دور حضاري، وسجل من الشرف والنُبل والتضحيات، في لبنان والكويت والصومال والبوسنة وكوسوفو وأفغانستان والعراق، واليمن وغيرها، إذن الدعاء لازم لهم، ولمن قضوا في ميدان العمل والتدريب من رجال الأمن والشرطة والجيش، وشهداء السلك الدبلوماسي التي اغتالتهم أياد آثمة، أيام التنظيمات والمنظمات المرتزقة سياسياً ومالياً، وكذا لا ننسى قصة شرطي بسيط استشهد ليلة قيام دولة الإمارات على أيدي القوات المسلحة الإيرانية حين أقدمت على احتلال جزر الإمارات عشية إعلان الاتحاد، فلقاهم فرداً بصدره العاري، وببندقية قديمة في الجزيرة، رافضاً إنزال العلم عنها، ليستشهد تحت ظل ذلك العلم، فيوم الشهيد، هو التاريخ السنوي الذي يوافق استشهاد «سهيل سالم» على تلك الجزيرة، وما الشهداء في اليمن إلا تكملة لسلسلة الشرفاء، وتاج غار الوطنيين عبر التاريخ الحديث لهذا الوطن.
- فرح أهل الإمارات والمقيمين فيها، والبعيدين عنها، والذين كانوا يوماً فيها بعيد الاتحاد الخمسين يعبرون عنه كل عام كل بطريقته، غير أن الحب واحد، كل يبتكر وسيلته، غير أن رد الجميل واحد، يتساوى من اكتفى برفع علم على منزله أو حمّل أطفاله أعلاماً للإمارات يلوحون بها، بعض الأسر التي كانت تعيش هنا، وتعلم أولادها هنا، وكان رزقهم هنا، واليوم هم هناك في بلدانهم، لكنهم لم ينسوا الإمارات، وعادة ما يفرحون بقالب حلوى وشمعة مزين بعلم الإمارات، كل العائلات هنا.. وهناك ستشعل شمعة جديدة في سنة جديدة، وفي ازدهار الإمارات دائماً.. وأبداً، في هذا الفرح الجماعي مواطنون ومقيمون، باقون ومرتحلون لن يغني كل واحد على ليلاه، بل كلهم سيغني للإمارات، ومن أجل الإمارات، وبفضل خيرها وأمانها، وطيبة أهلها، وتلك السماحة التي تميزهم ولا تغيرهم، مشاركين فرحتنا بالخمسين، وحماسة القفز نحو المائة بكل أحلامنا وأمانينا وتسبقها إرادتنا وعزم الرجال.
