هل بيننا كمغاربة وكعرب من يتصور كأساً عالمية تجري على أرض عربية، من دون أسود الأطلس؟
عطفاً على ما شاهدناه من منتخب المغرب في مساره المونديالي، وهو يحقق، وحيداً بين المنتخبات الأربعين الذين تواجدوا في الفاصل الإقصائي الإفريقي الثاني المؤهل للمونديال، العلامة الكاملة بفوزه بالمباريات الست، فإن سقوط الأسود في الحاجز التصفوي الأخير أمام فهود الكونجو الديمقراطية، سيكون لنا صدمة، وسيكون أيضاً لكرة القدم المغربية نكسة، يعلم الله كيف سيجري تدبيرها، أي صروح ستسقط؟ وأي أوراش ستختنق بغبار الغضب؟ وأي ريح هوجاء ستهب فتقتلع الأخضر واليابس؟
ولو نحن تحدثنا عن منتخب مغربي غادر الاستحقاق القاري الأخير، ممثلاً في كأس أمم أفريقيا بالكاميرون، من الدور ربع النهائي بخسارته الدراماتيكية أمام منتخب مصر، وعددنا ما ظهر عليه في تلك المباراة من تشوهات تكتيكية أفقدت الأداء الجماعي سلاسته، وأيضاً من عجز عن إيجاد الحلول لكثير من الإشكالات التكتيكية، لاستبد بنا القلق، ولقلنا إن منتخب المغرب يرتجف مع وجود مطبات قوية، كالتي حدثت في مباراة مصر بكأس أمم أفريقيا، والحال أن من يدعى لمواجهته في الفاصل الإقصائي الحاسم، منتخب كونجولي جائع ومتحفز، وبه سعار غريب لتحقيق ما يبدو لشعب بكامله على أنه إنجاز تاريخي، ففي ملعب الشهداء سيحتشد يوم الجمعة الآلاف من الكونجوليين لتعبيد الطريق لفهودهم التي يرون أن مونديال قطر لا يمكن أن يلعب في غيابهم.
لكن في كرة القدم لا وجود لحقائق فنية ثابتة لا تتغير ولا وجود لفرضيات حتمية لا تصطدم بنقيضها، كما لا وجود في مباريات كرة القدم لفريق مرشح على الورق أو حتى لأحكام جاهزة.
الجسر الذي سيعبر بأسود الأطلس إلى كأس العالم للمرة السادسة في تاريخهم، وللمرة الثانية توالياً، سيكون له وجهان يبرقان بضوء قوي، ذهاب هناك في ملعب الشهداء بكينشاسا، حيث سيكون لزاماً أن يتحلى الأسود برباطة جأش لمقاومة كل الرياح الساخنة، متمثلة في فهود مسعورة ومحمولة على أكتاف ملايين الكونجوليين وفي أرضية مكسوة بالعشب الاصطناعي بكل ما يحدثه ذلك من معاناة، وإياب بالدار البيضاء سيرتدي رداء الحسم، فلا شيء على الإطلاق يقول بأن حسم البطاقة المونديالية سيكون هناك في كينشاسا، فمهما حدث بملعب الشهداء، فالكلمة الفصل ستقال بملعب النار بمركب محمد الخامس بالدار البيضاء، حيث إن التذاكر المتاحة لجولة الإياب بيعت بكاملها في زمن قياسي.
هل يحتاج أسود الأطلس إلى ما يحفزهم ذهنياً؟
هل يحتاجون إلى ما يضع لهم أجنحة من نار تحلق بهم فوق كل مكسرات العزائم؟
هل يحتاجون إلى ما يخرج من أعماقهم تلك الصرخة التي تهز الجبال؟
أتصور أنهم يحتاجون فقط، لما يذكرهم بأن هذا المبحوث عنها في السفر الأخير، بطاقة مؤهلة لكأس العالم، ومجرد ذكر المونديال يلهم الخيال لكي ينحت الجبال ويبطل كل محال.