أجد جمالاً خاصاً في العبارات التي تحمل مترادفات متناقضة، وأحب أن أستخدمها بكثرة فيما أكتب، كونها تعبر بواقعية عن حقيقة الأشياء المتشابكة حولنا، إذ ليس هناك معنى واحد دقيق لأي حالة، فعادة ما يجتمع عدد من المعاني المتناقضة وكذلك المشاعر المتناقضة في موقف واحد، بل وفي اللحظة الواحدة، كما أنها تبدو لافتة جداً ومحرضة للتأمل والتفكير والبحث. 
كما وأن بعضها يبدو شهياً وكذلك مغرياً للتورط فيه، لما له من قدرة على إثارة أسئلة فلسفية عميقة، لم تكن تخطر على البال لولا حالة التناقض فيها، على سبيل المثال «واقعية الوهم» و«جمال القبح» و«جدوى اللا جدوى»، «حضور الغياب».. وهكذا... وهي في الحقيقة لعبة كلمات جميلة تفتح المدى لأفق ثري لغوياً ومعرفياً!
تتمثل هذه التناقضات في الحياة، فنجد أنفسنا طوال الوقت أمام أحوال نكون فيها عاجزين تماماً عن تحديد موقف تجاهها، وما يحدث وقتها هو أن البوصلة الصغيرة الموجودة داخلنا تتوقف عن الحركة، فنبدو تائهين مرتبكين، تتنازعنا مشاعر متناقضة حد التطرف تجاه أفعال علينا تبنيها أو على أقل تقدير تأييدها. عن نفسي عندما أواجه بمثل هذه الأحوال، ينتابني شعور مزعج جداً، فأتساءل بسخط: كيف لكل هذا المخزون الذي جمعته في رحلتي من الإدراك والتجربة أن يفشل في انتشالي من حالة التيه تلك؟ والحقيقة أننا برمجنا على تبني الأمور الواضحة، فيما الحياة ليست كذلك، فالغموض والتشابك هما الحقائق الأكثر وضوحاً.
يقول بورخيس: «الكتاب الذي لا يقدم نقيضه، يعد ناقصاً». وكذلك الحياة كلها من دون هذه التناقضات والتباينات لا حياة فيها، ومن لم ير إلا ما توافق معه واتفق، فليعلم أنه فوت الحياة من حياته. فالملاءمة الكاملة والتوافق التام والانسجام غير المشوش يبدو مصطنعا مسخاً عن طبيعة الأمور، لأن طبيعة الأشياء تحمل الضدين، ومن دونهما لا تكتمل الصور.