- ليس هناك من أحد يتعب في شيخوخته - خاصة المتأخرة- مثل الرجل الطويل، تجده يعاني في أيامها المملة، وبطء إيقاعها كثيراً، أولاً لأنه لن يجد أحداً من أصدقاء الطفولة عائشاً ليكون معه في تلك اللحظة الموحشة، والذين باقون على قيد الحياة، لا يتذكرونه بالضبط، ولا يتذكرون شيئاً من محاسنه وأفضاله، ثانياً حتى الأبواب التي أصبحت جديدة وكبيرة، وماخذة في الطول والعرض تشعره أنه يتناقص حجماً يوماً بعد يوم، لا أحد اليوم مع ذلك الطويل الذي كان يتباهى على الآخرين بتلك القامة الفارعة، والتي تزداد عاماً بعد عام، خاصة في الصفوف الإعدادية والثانوية غير ظله الذي سيتركه بالتأكيد عند أول منعطف في ذلك الدرب الطويل!
- ليش لما الواحد يريد أن يبيع شيئاً أو يسوق لبضاعة أو يعمل دعاية لمطعم أو يصف أكلة من مطعم مبتدئ، يبدأ بالبسملة على كل شيء يراه؟ بعدها يدخل الصلاة على النبي، لكي يشعرنا أن ما يعمل له دعاية فيه الخير والبركة، ويبعد عين الحسد، بحيث أصبحت مقولاتهم في تلك المناسبات من الكليشيهات المحفوظة، بقولهم: اللهم صلي على النبي أو بالصلاة على النبي أو بسم الله ما شاء الله أو ما شاء الله، تبارك الرحمن، على أي ضلع مشوي أو رز مطيب ومزعفر، ومرات على أكلات تبدو غير مشهية إطلاقاً، طيب.. لو يطلع صاحب ذلك المطعم الذي يقدم الذبائح أنها محلية، وتطلع أسترالية كذّاباً أو تلك الثريا التي يحلف عليها ذلك الشاب بدعايته غير المقنعة، أنها بوهيمية، وكريستال نمساوي، تظهر شغل سوق الميناء، لأن وجهه الدعائي يوحي للآخر أنه يبدو مديناً لأكثر من بنك بقروض طويلة الأجل، وأن اللحية المحددة لا تغر العارفين، وأنه لا يميز المصّرَيّ من الفتيلة، بالنسبة لي شخصياً حين أرى أي بائع يحلف على بضاعته، أشك فوراً فيه، وفي بضاعته، وأشعر أنه غشاش مدلس يتقي الفساد بالحلف واليمين، وخاصة حين يحلف بشرفه أو رأس أولاده الذين لا يعرفهم المشتري بالتأكيد، لمَ لا تسمع ذلك اليمين الغموس من بائع ألماني وهو يحلف بشرفه على بضاعة صينية؟ أو بائع دانماركي يحلف برأس ابنه الرضيع على تلفزيون دانمركي «سمارت 85 بوصة» تجميع ماليزيا!
- لا يقبض النفس ويضايقها مثل أن ترى تلك السيارات الفارهة، والتي تتعدى المليون في أسعارها وسرعتها، وهي مركبة على مركبة القلص والسحب والشحن، وهي بلا حيلة وقدرة، تراها مُرَبّطة من أطرافها الأربعة، ومكتفة غصباً عنها بأرقامها المميزة، تجرها سيارة قيمتها تعادل قيمة إطاراتها الأربعة، وهي تعاملها بطريقة موحشة وعدوانية، ولا توحي بالرأفة بها وتجاهلها أو أنها «ريكفري» حقيقي، مثل تلك السيارات الفارهة بحاجة لممرضة لا سائق نقل أفغاني!
- يا إخوان ما أعرف شو يريدون هؤلاء المتسلقين الرقميين من اعتلائهم أي منصة أو التعلق بأي خبر أو الالتصاق بأي حدث، تجدهم مثل رأس البصل في كل وقت يحصل، يعني الناس مشغولين بانفجار شارع الاستقلال في تقسيم باسطنبول، وواحد يظهر على مسرح الجريمة الرقمية، ويشارك بالتعليق لنفسه لا على الحدث، ويبدأ بإظهار رؤوس مبشوطة ومحلوقة، ومزروع لها شعر يكاد يبين، والهدف إظهار عيادته التركية لزرع الشعر، وبعد لحظة يظهر ذلك الإعلان لذلك الطبيب المختص بالبروستاتا والعلاج الحديث لها في عيادته في منطقة تقسيم، ودعوته لزيارتها، يعني معقول أضحي بحياتي من أجل بروستاتا ذات ورم حميد في تلك اللحظة المؤلمة، والتي يتطاير شظاياها في كل مكان!
- هل أتاكم حديث الموضة الجديدة لجوارب الرجال، ذوو الشوارب، اليوم.. هناك «زليغات» ملونة عليها صور كلاب «بوبي» وقطط شيرازي على أساس أنها موضة، ويلبسها واحد جثة هذا سيره، والله عييب.. وأعتقد أنه منقود، يعني تكون ضارب بتلك البدلة «السينييه» وتحت «زليغات» من الصِنّية!