تريم عمران، عبدالله عمران، خلفان الرومي: انفراط عقد العمل الوطني
- مثلما ترجل قبله زميله ومجايله وأعز صديق له تريم عمران تريم، ولحق به بعد سنوات توأمه الروحي عبدالله عمران تريم، ينفرط عقد ثلاثي العمل الوطني، لرجال قُدّوا من تعب ومعرفة وجَلَد، بغياب «خلفان الرومي» الذي بكاهم واحداً تلو آخر، وشعر بتلك الوحدة القاسية، حين يخلو المكان من أناس كانوا ملء المكان، وزاكي رائحته، وكانا بمثابة جناحين له، وكانا قريبين له كالسمع والنظر، ومن كان يعرف «أبا فيصل»، ورأه بعد وفاة الأخوين؛ «أبو نجلاء وأبو خالد» يدرك معنى اليتم في الكبر، يعييني دوماً غياب الناس الذين قدّوا من تعب وعمل الأولين، ويعييني غياب الوطنيين، ويعييني كثيراً غياب المخلصين والشرفاء. «أبو فيصل وأبناء عمران تريم» والغياب هو اختصار لطريق العذاب والآلام، وختام لحياة كانت زاخرة بالعمل والتفاني والإخلاص، وذلك الولاء الذي لا يليق إلا للتراب الوطني.
حسن قايد الصبيحي: حافياً على بلاط صاحبة الجلالة
- زميل عمل إعلامي، ترجل مبكراً، تاركاً أسى في نفوس من عرفه عن قرب أو تزامل معه في صحيفة، فقد عرفته جريدة «البيان» مبكراً، وربما أثناء دراساته العليا في «سانتيغو» الأميركية، ثم التقيت به في جريدة الاتحاد حيث انتقل للعمل فيها، وكان وقتها مدير مركز البحوث والدراسات، ثم انتقل لجريدة «الخليج» ومكث فيها حيناً، وربما عمل في صحف أخرى، وكتب دراسات في صحف متعددة، وصدرت له كتب متخصصة، بالإضافة إلى العمل في جامعة الإمارات، وأخيراً جامعة الشارقة، غلب على «د. حسن قايد» العمل النظري في الإعلام وفي الصحافة أكثر من العمل الميداني، وهذا ربما كان يناسبه كأستاذ جامعي أكثر، وربما تلامذته الذين درّسهم يشهدون له بهذا، وهم كثر، لكن حرصه معهم على فهم وتذوق الفن الصحفي والإعلامي العملي من خلال زيارته معهم للمواقع الصحفية الحقيقية، لكي يقارب لهم بين ما يقول لهم نظرياً وبين معرفته أسرار ديناميكية العمل اليومي الإعلامي، للراحل بصمته في الإعلام الإماراتي، وكونه شاهداً على تطوراته.
عبيد طويرش: طواش غاب بعيداً عن بحره
- شخص طيّب لآخر المدى، اتفق الجميع على محبته، ومن لا يعرفه يتوجس من الحديث معه، لكنه إن استطيبك، ووجد بعضاً من نقاط التقاطع التي تجمعك به، فستحظى بذلك الود والصداقة، والضحكات، وما يمكن أن يمنحك إياه من ثقافته، واطلاعه المختلف، فهو خريج بغداد، والعراق، وما تزخر به يومها، كانت جزءاً من شرف العرب، وفضائل العروبة، كانت هي ودمشق تفرحان إن تخرج من جامعاتهما عرب، حتى إنهما كانتا تصرفان على تعليمهم وتثقيفهم، وتمنحانهما شيئاً من إرث المكان، وعبق التاريخ، وما كان يتزاحم فيهما من أحداث وتغيرات وإرهاصات سياسية وفكرية، كنت و«أبا محمد» من عشاق تلك الأمكنة، ولا نضمر في دواخلنا غير الحب لها.
 ثاني السويدي: جف ريق البحر
- لقد جف الحبر، ولم يجف ريق البحر، ثاني.. يا سعفة خضراء من نخيل «الصير» تهيف في غفلة منا، ثاني.. ذاك الجميل أول ما التقيته في اتحاد الكتّاب في أبوظبي منتصف الثمانينيات عند تأسيسه، كان يأتي بثوبه الأبيض حاسر الرأس أو متفرنجاً بلباس شعبوي، لديه تلك الفوضوية التي يحبها وحده، وكان لديه ما يقوله، وحين ينثر الشعر، كان يشعر الكلمات ويموسقها، كان جميلاً في الشعر، وفي ابتغاء الحياة، يصدم التقليديين، ويتحاشاه المحافظون، ويطرب له الهامشيون، كنت أقول له: «يا ثاني.. أكمل بيت القصيد، أكمل أي مشروع تبدؤه»، لكنه كان جموحاً، ولا يحب السكون، ولا يحب أن يتم الأشياء، إلا على طريقته، كان مثل حاله.. واشتاق لظل نخيل «المعيريض» دون أن يخبر أحداً.. سوى من سبقوه «أحمد راشد ثاني» و«جمعة الفيروز» و«سالم الحتاوي».