يجلس القرفصاء، يضم يديه إلى صدره، مستقيم الظهر، يشد عموده الفقري بقوة، رأسه مرفوع قليلاً وينظر إلى البعيد، يقابل شروق الشمس تماماً، وكأنه زهرة عباد الشمس، يتبع الخيوط الذهبية، يحيط به مبنى الكثير من أجزائه مطلية باللون الذهبي، ترتفع من أركانه الأربعة مآذن تمتد عالياً، وتنتهي برؤوس مدببة أو على شكل رؤوس رماح، تخالها تعانق السحب الممطرة دائماً هنا، علاقة قائمة بين البرق والمطر والريح، وهذه السهام الصاعدة من المعبد. أفواج من الصامتين يأتون، زرافات وأفراداً عند الصباحات الباكرة، يشعلون أعواد البخور ويملؤون المكان بالورود والأزهار الصفراء.
كل شيء في هذا المكان يأخذ لونه من أشعة الشمس، اللون الذهبي والأصفر والبرتقالي، هو سيد المكان، كهنة بلباس لونه برتقالي يطوفون في الزوايا والأمكنة والطرقات الصغيرة، يسيرون بسلام وأمان، غير مستعجلين ولا متذمرين، أو متوترين، لا يغضب هؤلاء المشاة على أرجلهم دائماً، ولا يسترهم غير قماش واحد وبلون لا يتغير أبداً، لون بين البرتقالي والأصفر أو الذهبي. أفلت راشد الصغير من يدي وأسرع بالجري حتى جلس أمام تمثال بوذا الحجري، جلس القرفصاء، وضع يديه كما يدي التمثال، وقال: «التقط لي صورة مع هذا الجالس بهدوء». سأل كثيراً عن هذا الذي يشاهده أول مرة، عن المعبد/ المكان، عن الألوان والورود والأزهار، والمنارات التي ترتفع عالياً ثم تنتهي بسهام، عن هذا الذي يجلس القرفصاء، ولماذا يأتيه هؤلاء الناس. شرحت له بصورة بسيطة، قلت له عندما تكبر وتقرأ سوف تعرف الكثير. تشرق الشمس في عين التمثال الحجري ويظل المكان في صمته الرهيب، فقط، همهمات وتراتيل تأتي من بعيد ومن قاعات داخلية في المعبد، عالم تأخذه الطقوس الخاصة إلى مسارات جديدة واشتقاقات تعبدية أو روحية رياضية، مزيج بين هذا الإرث الشرقي الذي يحاول الصمود أمام معتقدات كثيرة يحملها إنسان الشرق، والجميل أنها تتعايش بسلام ومحبة ومن دون أن تتناحر.
هذا فن اليوغا يخرج من هذه الطقوس والعبادات، وقد يمارسه كثير من الناس في الشرق ومن ديانات مختلفة. تأتي اليوغا من السعي إلى الهدوء والطمأنينة/ السكينة والسلام وتدريب النفس على الحب والسلام، والصبر الطويل على أن تعيد قراءة ما يحويه الصدر والجوف، بأن تغمض عينيك ثم تعيد قراءة سيرة أيامك أو حياتك أو ما مر بك في صيرورة الحياة، تصبر على جلوس القرفصاء ولمدة طويلة من دون أن تتكلم أو تتناول أي طعام أو شراب، فقط تستقبل أشعة الشمس وتتنفس بانتظام شديد، تخال الأمر سهلاً وبسيطاً، ولكن بالتأكيد الأمر غير عادي للذي لا يطيق الصمت الطويل أو عدم الحركة، إنها طقوس شرقية تمزج بين إرث التدريب الطويل والتعب وفهم لغة الحوار الداخلي ومناجاة النفس، وإعادة سيرة الأحداث التي مرت أو طافت بك، ثم التخلص من مرهقات النفس، من أحداث مؤلمة، تأتي عندما يتذكر الفرد المواقف المحزنة أو السيئة التي ارتكبها يوماً أو مرت به. 
الشرق مدرسة في أمور كثيرة تتعلق بالفرد والمجتمع، أحداث عظيمة وكثيرة مرت بهذا الشرق الذي خرج بفلسفات كثيرة في الحياة، وفلاسفة كثر جاءوا من كونفوشيوس إلى بوذا ثم رجال المعابد والأديرة القديمة، تعلم الإنسان هناك السلام والحب ونبذ العنف والتشدد، عرفوا طريق الشمس والحرية المطلقة للجميع وفي كل شؤون الحياة.