في أوقات الراحة من مشاهدة مباريات كرة القدم، استمتع ببرامج ناشيونال جيوجرافيك عن الحياة البرية، وسيدها هو الأسد، وفي البريميرليج استمتع بمباريات السيتي، وبأداء الأسد النرويجي هالاند، فما وجه الشبه بين الأسدين؟ «أسد البرية» و«أسد مانشستر سيتي» والكرة الإنجليزية؟
كلاهما شجاع، فمواجهة الفريسة مهما كان حجمها شجاعة، ومواجهة المرمى مهما كانت الضغوط شجاعة، يهاجم الأسد ويفترس كي يعيش، ويهاجم هالاند ويسجل كي يستمتع. وهو يقول ذلك: «أعشق تسجيل الأهداف بصفتي مهاجماً».
الأرقام مهمة في الرياضة وفي كرة القدم وفي المستوى الاحترافي، والإنجليز يهتمون بالأرقام، ولذلك قفز هالاند أعلى شريط الأخبار في كل الوسائط، لكنني أنظر أيضاً إلى الإبداع في كرة القدم وأشكال الإبداع متنوعة، فهناك إبداع الابتكار والسيطرة، والمفاجأة والرسم بالقدمين، ومن أصحابه على سبيل المثال بيليه ودي ستيفانو، ومارادونا وكرويف، وميسي ورونالدو ومحمد صلاح. وهناك إبداع التحرك إلى المساحات، واختيارها بدقة، وسرعة التصرف في الكرة، ومن أصحابه على سبيل المثال موللر، وليفاندوفيسكي، وبنزيمه، وهاري كين، وهالاند.
في بدايات الأسد النرويجي مع مانشستر سيتي، كتبت مقالات تحليلية في الصحف البريطانية تقول إن هذا اللاعب سوف يسجل 50 هدفاً هذا الموسم، وعندما نقلت هذا التوقع كانت التعليقات كلها: «مستحيل»، واليوم أصبح المستحيل في متناول قدم هالاند، ويبدو أن 50 هدفاً رقم قريب وأقرب جداً مما تخيل خبراء المستحيل!
نعم، لأن هالاند يمكنه رفع رصيده من الأهداف إلى 60 هدفاً هذا الموسم إذا سار على نفس معدلات التهديف؛ لأن مانشستر سيتي يمكنه خوض 18 مباراة أخرى في الموسم الحالي بمختلف البطولات، وقد سجل 42 هدفاً في 37 مباراة خاضها، من ضمنها 6 «هاتريك»، لكن جوارديولا يرى أن أرقام هالاند سوف تشكل عبئاً نفسياً وذهنياً لأن الجمهور سوف يطالبه بتسجيل ثلاثة أو أربعة أهداف كل مباراة، وهو أمر شديد الصعوبة على اللاعب، وكلام المدرب الإسباني صحيح، فقبل أسابيع وجهت انتقادات إلى هالاند لأنه لم يحرز أهدافاً في مباراتين أو ثلاث، ورد الأسد النرويجي بخماسية في مرمى لايبزيج، ثم هاتريك في مرمى بيرنلي.
لقد تطور أداء هالاند منذ قدومه إلى السيتي، وطالبه جوارديولا قبل فترة بمزيد من التطور، وبضرورة تسجيل الأهداف من خارج منطقة الجزاء، ولم يكن كلام بيب جوارديولا دقيقاً حسب ظني، لأن الآلة النرويجية تنتج الأهداف الغزيرة وهذا هو المهم، وهذا ما سيجعله اسماً وسط النخبة في عالم كرة القدم وفي تاريخها.
** عندي ملاحظة أخيرة: يقولون إن من عيوب جوارديولا أنه كثير التفكير، فهل هذا عيب؟ وماذا تقولون عن هؤلاء الذين لا يفكرون إطلاقاً؟!