دعم بلا حدود من القيادة الرشيدة وجهود كبيرة وإدارة حصيفة وإجراءات دقيقة، هي عناصر تكاتفت وتكاملت وحققت نجاحاً متميزاً ولافتاً للنظر لدولة الإمارات في مواجهة مرض فيروس كورونا المستجدّ، جعلها محط أنظار العالم، والقدوة التي سعت الكثير من الدول إلى الاستفادة من تجربتها والاستعانة بحصيلة خبرتها للتصدي لتهديد الوباء والحدّ من انتشاره وتجاوز تأثيراته التي طالت جوانب الحياة كلها، وأدت إلى تعطيل الكثير منها، وألحقت خسائر كبيرة بالمجتمعات سواء في الجانب البشري، من حيث أعداد الإصابات والوفيات التي أرهقت الأنظمة الصحية، أو الاقتصادي الذي لا يكاد يخلو قطاع فيه من الأضرار الناجمة عن الجائحة.
هذا النجاح تجلّى في أبهى صورة في ارتفاع مؤشر التعافي من المرض، ليصل عدد المتعافين على مستوى الدولة، منذ ظهور المرض وحتى يوم أول من أمس «السبت»، إلى أكثر من 50% من مجموع حالات الإصابة، وكذلك في انخفاض معدل الوفيات الناجمة عنه والتي بلغ مجموعها 262 وفاة، ارتبط معظمها بعوارض صحية إضافية وأمراض مزمنة، وهو ما يعني أنّ نسبة الوفيات إلى مجموع حالات الإصابة لا يتجاوز 0.7% وهو من أدنى المعدلات على مستوى العالم، وكلّ ذلك عائد إلى عاملين أساسيين: الأول، هو مستوى العناية والرعاية الطبية التي توفرها الدولة للمصابين، والثاني، سرعة اكتشاف الإصابات والتعامل معها وعزلها وعلاجها نتيجة تكثيف عمليات الفحص وتوسيعها.
صورة أخرى تعبر عن النجاح المشرف الذي حققته الدولة في مواجهة العدو الخفي الذي عجزت أمامه أكبر دول العالم وأقواها اقتصادياً وعسكرياً وأكثرها تقدّماً علمياً وتقنياً، تتمثل في أنها أصبحت واحدة من أكثر الدول الآمنة على مستوى العالم فيما يتعلق بفيروس كورونا المستجد في الفترة الأخيرة، وفقاً لتأكيدات وبيانات منظمة الصحة العالمية، حيث تصدرت الدولَ العربية في مجال إجراء الفحوص المعملية، وجاءت ضمن أعلى 3 دول على مستوى العالم في إجراء الفحوصات إلى جانب الولايات المتحدة الأميركية والصين.
ومما لا شكّ فيه أنّ تحقيق هذه الإنجازات لم يتم بشكل تلقائي ولا هو من قبيل الصدفة، بل هو نتاج جهود جبارة وأداء استثنائي قدمته القطاعات المعنية بإدارة هذه الأزمة كافة، وفي مقدّمتها القطاع الصحي الذي وقف منتسبوه في خطوط الدفاع الأمامية وعملوا بتفانٍ ونكران للذات منقطع النظير، وساندتهم في ذلك قرارات حاسمة بتطبيق الإجراءات الوقائية والاحترازية من دون تهاون ولا تقصير، وفي الوقت ذاته بعيداً عن التهويل وإثارة الذعر في صفوف الناس، وحرص على المحافظة على ما يتمتع به مجتمع الإمارات من سكينة، الأمر الذي لقي تفاعلاً واستجابة شاملة من قبل فئات المجتمع كافّة، جسّدت حرص الجميع على أن يظل هذا الوطن آمناً مطمئناً، وأن يكون في مقدمة دول العالم التي تتجاوز هذه المحنة وتتجاوز آثارها بكل سلاسة وفي أسرع وقت ممكن.
إنّ ما تحقق وما ننعم به اليوم من نتائج طيبة وإيجابية في مجال السيطرة على الوباء وبدء عودة النشاطات الاقتصادية، وكذلك عودة نسبة من موظفي مؤسسات الدولة إلى عملهم، لا يعني انتهاء الخطر، فالفيروس لا يزال موجوداً ومعدلات تفشيه في الكثير من الدول لا تزال في ارتفاع، كما أنّ العالم لا يزال في طور البحث عن علاج له وعن لقاح يقي منه، الأمر الذي يعني أنّ السيطرة عليه وكبح جماحه يعتمدان بالدرجة الأولى على الالتزام المجتمعي باتباع الإجراءات الوقائية وتطبيقها من دون تساهل ولا تهاون، لأن أي استهتار في هذا المجال يلحق الضرر، ليس بالشخص المستهتر نفسه فقط، بل بالمجتمع كله، ويعوق جهود الدولة ومساعيها الحثيثة لتحقيق التوازن بين قضاء مصالح الناس والمحافظة على صحتهم وسلامتهم.
زيادة الإصابات أمر وارد كما أكّدت فريدة الحوسني، المتحدث الرسمي عن القطاع الصحي في الدولة، ومرهون بمدى الالتزام بالإجراءات الوقائية والتباعد الجسدي، وهو ما يضعنا جميعاً أمام مسؤولياتنا الأخلاقية في المحافظة على سلامتنا وسلامة عائلاتنا، ورد الجميل لهذا الوطن وقيادته المخلصة بأن نكون عند حسن ظنها وعلى قدر ثقتها بنا.
عن نشرة "أخبار الساعة" الصادرة عن مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية