كتبت أكثر مرة وأكثر من مقال ورأي حول غياب المشروع العربي الضروري. هذا المشروع الساعي إلى التنمية والاستقرار والوسطية ونبذ التطرف، وفي الوقت نفسه يدافع عن مصالح دولنا العربية، ويحمي شعوبها من التدخلات الخارجية. هذا المشروع حان وقت تفعيله والتركيز عليه، للتصدي لمشاريع مضادة تتفاعل من حولنا منذ ردح من الزمن. 
مشاريع متعددة وخطيرة من حولنا، والتصدي لها لن يكون سوى بمشروعنا الذي تحتاجه المنطقة والأمة اليوم أكثر من أي وقت مضى، خاصة في هذه المرحلة الحرجة والحساسة والخطيرة والمقلقة، لأن عدم تفعيله سيجعل دولاً إقليمية وجارة غير عربية، تطمع وتتوسع في ابتلاع وقضم وقرض مناطق عربية من جغرافيتنا العزيزة المهددة بالاحتلال والضم وبالتقسيم، نظرا لموقعها الاستراتيجي وثرواتها المتعددة وإمكاناتها الطبيعية المتميزة الثرية فوق وتحت الأرض، كما هو حاصل في ابتلاع 4 عواصم عربية تحت وصاية ونفوذ إيران الآن، التي تمادت وتوسعت من خلال مشروعها الطائفي.
الآن يتصاعد التدخل التركي في ساحات عربية متعددة، فمن العراق إلى سوريا وليبيا، تتضح ملامح المشروع التوسعي التركي، ما يفرض ضغوطاً على الدول العربية، وها هي مصر الآن تواجه التدخل التركي الذي يقترب من حدودها الغربية عبر التوغل العسكري التركي الداعم لحكومة «الوفاق»، ما يطيل أمد الاضطراب على الساحة الليبية ويجعلها مفتوحة على احتمالات خطيرة. 
ولكن السؤال متى نفعّل وننشأ خارطة طريق المشروع العربي؟ لاشك إننا نحتاج إلى خطوة كهذه تحمي مصالحنا المشروعة في الاستقرار والرخاء، وترسم إطاراً لها بحيث لا يمسها طامع أو يسطو عليها مستعمر. المنطقة تواجه تحديات جمة، تتطلب حرصاً عربياً على كبح التدخلات الخارجية، وذلك لمنع مخططات زعزعة الاستقرار، وردع القوى المروجة للفوضى. المشروع العربي يفترض أن يحمي البلاد العربية من هذه الرياح الصفراء العالية، والعواصف الهوجاء التي هبت وتهب ولا زالت تذري برياحها العاتية وغبارها المسمومة على الأهل والجيران والأطراف والأصدقاء والأشقاء. 
التدخلات الخارجية السافرة في بعض دولنا العربية، تتزامن أيضاً مع وباء كورونا المستجد، الذي داهمنا على حين غرة دون سابق إنذار، ما يتطلب تكثيف التعاون من أجل التصدي له والتعافي من تداعياته. ونأمل جميعاً في أن يكون المشروع العربي أقوى من كل التحديات التي تواجهه، كي يترسخ الاستقرار، وتتواصل التنمية، ويدرك الجميع خطورة المخططات التوسعية التي تتوالى حقداً وحسداً وطمعاً في ثروات عالمنا العربي. إنها قوى لا يهمها سوى تمزيق العالم العربي، وتحويله إلى أشلاء، وتتحرك هذه الأطماع كالأفاعي التي تريد نهش جسد المنطقة العربية، وهذا كله في ظل عدم احترام هذه القوى الطامعة لحقوق الجيرة أو احترام ما تفرضه الجغرافيا من تعاون وعلاقات حسن جوار. الأطماع التوسعية التي تستهدف عالمنا العربي تتطلب عوامل رادعة، خاصة أن القوى الطامعة تلجأ إلى فرض أمر واقع يخدم مصالحها بالقوة، ما يستوجب تحركاً عربياً يكبح جماح هذه المساعي قبل فوات الأوان، وقبل حرق الزرع والضرع. 
*كاتب سعودي