تعمل دولة الإمارات العربية المتحدة بشكل مستمر على تطوير إجراءات التقاضي؛ بهدف تيسيرها في كل مراحلها لتحقيق أفضل الخدمات العدلية، وضمان سرعة إنجاز الأعمال، مع ضمان جودة العمل بطبيعة الحال، ولتحقيق هذا الهدف، تم العمل منذ فترة ليست قصيرة على توظيف تقنيات الذكاء الاصطناعي، للاستفادة مما توفره التكنولوجيا الحديثة في عملية التطوير المنشودة ولتفعيل خدمات التقاضي والكاتب العدل، بما يضمن السرية والسرعة والمرونة، وفقاً للوائح وسياسات أمن المعلومات المعمول بها في الدولة، على الصعيدين الاتحادي والمحلي.
وفي الواقع، فإن الاتجاه إلى توظيف التقنيات الحديثة والذكاء الاصطناعي لدعم الخدمات العدلية يندرج في إطار توجّه دولة الإمارات لترسيخ مفهوم الحكومة الإلكترونية، واستخدام أحدث التكنولوجيات الحديثة لتقديم أفضل الخدمات في المجالات كافة. وقد حققت الدولة نجاحات كبيرة في هذا المجال، وهي تحظى بإشادات متتالية من قبل التقارير الدولية الموثوق بها وتحقق مراتب متقدمة على هذا الصعيد، ومنها على سبيل المثال لا الحصر، تصدّر الإمارات مؤشر جودة الحياة الرقمية إقليمياً محتلةً المرتبة الأولى، فيما احتلت المرتبة الـ31 عالمياً وفقاً لـ«مؤشر جودة الحياة الرقمية 2020»، وجاءت الدولة في المرتبة الأولى عالمياً في مؤشر أكثر البنى التحتية الإلكترونية الفرعي تطوراً، متخطيةً كلاً من: السويد والدنمارك والنرويج واليابان وسويسرا وسنغافورة وهولندا ونيوزيلندا.
وفي إطار سياسة التطوير المستمر لعملية التقاضي وتيسيرها بشكل أكبر والعمل على ترسيخ توظيف التقنيات الحديثة من أجل إحداث قفزة نوعية في هذا التطوير، عقد مجلس الوزراء مؤخراً اجتماعاً برئاسة صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله، واعتمد إصدار مرسوم بقانون اتحادي بتعديل بعض أحكام قانون الإثبات في المعاملات المدنية والتجارية، ووافق على إصدار مرسوم بقانون اتحادي بتعديل بعض أحكام قانون تنظيم مهنة الكاتب العدل.
وقد تضمنت تعديلات قانون الإثبات في المعاملات المدنية والتجارية، إدخال تقنيات الاتصال عن بُعد ضمن إجراءات الإثبات، كما تضمنت اعتبار التوقيع الإلكتروني والكتابة والمحررات والسجلات والمستندات الإلكترونية ذات حجية مساوية للتوقيع والكتابة والمحررات والسجلات والمستندات الرسمية والعُرفية متى استوفت الشروط والأحكام المقررة في التشريعات النافذة. وأعطت هذه التعديلات الحجية الكاملة لمحاضر الجلسات الإلكترونية التي تثبت فيها أقوال الشهود وأحكام وقرارات الإثبات، ويتم توقيعها من القاضي وكاتب الجلسة. كما تضمنت التعديلات تسهيل إجراءات ندب الخبراء وتقصير مواعيد عملهم قدر الإمكان بما يزيل أي عوائق كشف عنها الواقع الفعلي.
أما التعديلات الخاصة بالمرسوم بقانون اتحادي المتعلقة بتنظيم مهنة الكاتب العدل، فقد تضمنت تبسيط القيود في إجراءات الإثبات وتسهيلها للأطراف كافة، بحيث تكفل إمكانية استخدام التعاملات الإلكترونية والتكنولوجيا الحديثة في الإجراءات التي يمارسها الكاتب العدل. كما تضمنت التعديلات أحكام تقديم المحررات والتحقق من الهوية والقيد والحضور والتوقيع واستيفاء الرسوم والإعلان إذا تمت كلياً أو جزئياً من خلال وسائل تقنية المعلومات، ومنح وزير العدل إصدار القرارات اللازمة بشأن استخدام وسائل تقنية المعلومات في أعمال الكاتب العدل.
إن هذه التعديلات التي تسهم في إحداث تطوير كبير في الخدمات العدلية، والدفع في سبيل تعميق مفهوم القضاء الإلكتروني، تسهم كذلك في تحقيق رؤية الدولة في التحول الرقمي الذكي للخدمات الحكومية، ويحقق القضاء الإلكتروني الكثير من المزايا لجهة تطوير نوعي غير مسبوق لمرفق العدالة، ومنها تسهيل المعاملات والوصول إلى البيانات، ومنع تراكم القضايا والملفات، والسرعة في إنجاز العمل وتوفير الوقت والجهد وإنجاز العمل في أي وقت ومن أي مكان، ما يجعل منه هدفاً كبيراً، لذلك تعمل دولة الإمارات بشكل مستمر ودؤوب لترسيخه. ومن هذا المنطلق، جاءت التعديلات الخاصة بأحكام قانون الإثبات في المعاملات المدنية والتجارية، والتعديلات الخاصة بقانون تنظيم مهنة الكاتب العدل.
عن نشرة "أخبار الساعة" الصادرة عن مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية