منذ اجتياح «كورونا» العالمَ، قبل نحو عام، اتبعت دولة الإمارات العربية المتحدة استراتيجية فاعلة لمواجهتها وحصارها، والحدّ من تداعياتها السلبية من أجل الخروج من الأزمة التي سبّبتها بأقل الخسائر. وقد تميزت هذه الاستراتيجية بالتوازن بين الحفاظ على سلامة أفراد المجتمع، من ناحية، وعودة الحياة الطبيعية واستئناف الأنشطة الاقتصادية في مختلف القطاعات الحيوية، من ناحية أخرى، مع إعطاء الأولوية في المقام الأول والأخير لصحة الأفراد وسلامة المجتمع. 
وقد نجحت هذه الاستراتيجية بشكل منقطع النظير، من خلال جهود دؤوبة بذلتها المؤسسات المعنية بتوجيهات ومتابعة مباشرة من قبل قيادتنا الرشيدة، التي وفّرت دعمًا غير محدود للقطاع الصحي وللعاملين فيه؛ حتى يمكنهم القيام بمهامهم على أكمل وجه، وهو ما حدث بالفعل؛ فالأطباء وأطقم التمريض وغيرهم من أبطال خط الدفاع الأول قدموا ملحمةً رائعة في التصدي لـ «كورونا»، فاستحقوا كل التقدير والاحترام من قِبل أطياف المجتمع كافة. 
وقدّمت دولة الإمارات، من خلال تعاملها الذكي مع جائحة «كوفيد- 19»، تجربة ونموذجًا ملهمًا، فباتت تتصدر دول العالم، وتأتي في المركز الأول في العديد من المؤشرات الخاصة بالتعامل مع الجائحة، سواءً لجهودها الفاعلة في التصدي لها، من خلال الإجراءات الاحترازية والوقائية، وتوفير اللقاح بالمجان لجميع أفراد المجتمع، أو لنجاحها في تخفيف تداعيات هذه الجائحة، وتخطي آثارها الصحية، والاقتصادية والاجتماعية، أو نتيجة استعدادها المسبق لمرحلة التعافي من خلال حزمة من الإجراءات التي تضمن استمرار الحياة الطبيعية والنشاط الاقتصادي، وهو ما أكده الدكتور سيف الظاهري، المتحدث الرسمي للهيئة الوطنية لإدارة الطوارئ والأزمات والكوارث، في الإحاطة الإعلامية الدورية لحكومة الإمارات، يوم الثلاثاء الماضي، التي تطرقت إلى آخر المستجدات في هذا المجال، وجهود الدولة في العودة التدريجية إلى الحياة الطبيعية، وآخر المعلومات المتعلّقة باللقاحات المعتمَدة في الدولة.
وثمة الكثير من العوامل التي كفِلت هذا النجاح الكبير لاستراتيجية دولة الإمارات في مكافحة «كورونا»، ومنها الشفافية المطلقة التي تميزت بها، فالجهات المعنية بمكافحة «كوفيد- 19» لم تُخفِ، في أي وقت من الأوقات، أيَّ معلومات خاصة بها، سواء تعلق الأمر بأعداد المصابين، أو ما سبّبته من خسائر مادية وبشرية أو اللقاحات؛ فالمعلومات والإحصاءات كانت ولا تزال متوافرة على الدوام، منذ بداية الجائحة، وحرصت حكومة الإمارات على أن تكون هناك إحاطات إعلامية دورية، يتم من خلالها تقديم المعلومات الموثّقة. 
وفي الواقع، فإن هذه الشفافية المطلقة التي تُميز استراتيجية الإمارات لمكافحة الجائحة، أدّت إلى إيجاد درجة عالية من الثقة في الإدارة الحكومية لأزمة الجائحة، وكان من الطبيعي أن تأتي دولة الإمارات في المركز الأول شرق أوسطيًّا، والثالث عالميًّا، من حيث رضا الجمهور عن الإجراءات والتدابير التي اتخذتها الحكومة فيما يتعلق بمكافحة الجائحة، وذلك وفقًا لتقرير أصدرته «مؤسسة تولونا الدولية» لمسح المستهلكين في يونيو 2020. 
ومن المؤسف أن يشكّك بعضهم في البيانات المعلن عنها من قبل الجهات المختصة، سواء فيما يتعلق بأعداد المصابين، أو المتعافين، أو الوفيات، أو الفحوصات، أو مَنْ تلقّوا اللقاحات. فالبيانات المرتبطة بالجائحة، وكما أعلنت المصادر الحكومية، يتم تسجيلها وفق أعلى المعايير العالمية؛ لذا يجب على الجمهور، كما أكد الدكتور سيف الظاهري، تحري الدقة وأخذ البيانات دائمًا من مصادرها الرسمية، والحرص على الوصول إلى المعلومة الصحيحة من المصادر الموثوق بها، والمعتمدة، والبعد عن التشكيك بجهود الجهات كافة، التي عملت لاحتواء هذه الجائحة، وعدم الانسياق وراء الشائعات.
إن دولة الإمارات قد حققت نجاحًا كبيرًا في حصار جائحة «كوفيد- 19»، وهي أول دولة في العالم يتخطى فيها عدد فحوصات «كورونا» عدد السكان، وتواصل هذا النجاح بخطى ثابتة، من خلال حملات دؤوبة للتطعيم الذي يجب على الجميع المبادرة لأخذه، وعدم الالتفات إلى الشائعات. فالإمارات لم تبدأ هذه الحملات إلا بعد التأكد التام من سلامة اللقاح الذي يمثل الطريق الآمن نحو تحقيق التعافي التام، وعودة الحياة الطبيعية بشكل كامل.

عن نشرة "أخبار الساعة" الصادرة عن مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية