في خضم ما جري حول حادث قناة السويس، والبحث عن خيارات بديلة يظل التحرك الروسي والمخطط الصيني للبحث عن مسارات ملاحية بديلة حقيقة واقعية وعملية، خاصة مع وجود إرث تاريخي للوصول إلى البديل الآمن والمتاح في الحالات الاستثنائية، أو وفق ظروف ومتطلبات ملحة، خاصة أن التنافس الدولي ما زال قائماً حول أربعة اتجاهات، وهي، خطوط شمالية: تربط نفط دول بحر قزوين بشبكة الخطوط الروسية القديمة، وتتجه إما براً إلى أوروبا، أو نحو ميناء نوفوروسيك على البحر الأسود، وهي الخطوط التي تريدها روسيا. خطوط غربية: تنقل نفط أذربيجان، ونفط كازاخستان بعد مد أنابيب تحت البحر إلى باكو، ثم إلى البحر الأسود عبر ميناء سويسا الجورجي، وهي خطوط تؤيدها اذربيجان وجورجيا. ولكن المشكلة في هذه الخطوط تتمثل في الموقف التركي الرافض لمرور النفط عبر البوسفور، والداعي إلى مد خطوط من ميناء باكو الأذربيجاني إلى ميناء سيحان على الشاطئ الشرقي للبحر المتوسط، عبر الأراضي التركية في الشمال الشرقي.
خطوط شرقية: تتطلع كازاخستان إلى تصدير نفطها بأي اتجاه طالما إن ذلك سيدر عليها أموالاً طائلة. وتواجه الصين بقوة من أجل مد خطوط باتجاه الشرق، حيث وقعت اتفاقاً مع كازاخستان، وتعرض كذلك شراءها عدداً من الحقول النفطية الكازاخية. وهناك حديث عن خط للغاز من تركمانستان عبر أفغانستان إلى باكستان والهند، غير أن عدم الاستقرار في أفغانستان يعطل البحث فيه. 
خطوط جنوبية: يكثر الحديث عن أفضلية الخطوط النفطية الجنوبية، أي نحو إيران وعبر أراضيها إلى الخليج العربي، باعتباره أقصر الخطوط وأرخصها تكلفة، وبخاصة بالنسبة لغاز تركمانستان المحاذية لإيران، غير أن الاعتراضات على هذا الاتجاه، وفي مقدمتها اعتراضات أميركية، أولهما اعتراض أميركي تكتيكي يسعى إلى الضغط باتجاه إجراء تحولات جذرية في السياسة الإيرانية ودورها في الإقليم، والثاني اعتراض أميركي استراتيجي ينبع من التردد الكبير في حصر كل ثروة المستطيل النفطي في الخليج العربي، وأمام هذه الاحتمالات، يبدو أن الاتجاه الحالي المدعوم أميركياً يميل إلى تدعيم فكرة الخطوط الغربية، وبخاصة في شقها الجورجي حيث تروج الولايات المتحدة لفكرة نقل غاز تركمانستان بأنابيب عبر أذربيجان إلى تركيا، غير أن التركيز على هذا الاتجاه يتطلب حل معضلات فنية وسياسية، كما لا يمكن استبعاد التسويق الصيني لمبادرة الحزام والطريق ومسلكها في الاعتماد علي السكك الحديدية فائقة السرعة.
وتفترض المعضلات الطوبوغرافية بالنسبة للدول النفطية القزوينية الشرقية أن أفضل وأسهل الطرق لنقل النفط هي مد الأنابيب عبر إيران وهناك احتمال مطروح، يتمثل في توزيع خطوط النفط القزوينية إلى طريقين، حيث يتم عبور نفط أذربيجان عبر جورجيا وتركيا إلى البحر المتوسط، وعبور نفط وغاز كازاخستان وتركمانستان إلى الخليج العربي، أما الاحتمال المستجد فهو عدم تمكن الولايات المتحدة من تقرير مصير خريطة الأنابيب القزوينية بسبب تمكن روسيا من استعادة علاقات الدول القزوينية لها، أو عرقلة محاولات فرض الاستقرار في منطقة القوقاز وبحر قزوين. وإضافة لما سبق فهناك المخطط الإسرائيلي لربط البحر الأحمر بالبحر المتوسط من خلال أربع مشروعات وهى الجسر البري الإسرائيلي، خط سكة حديد مقترح بين ميناءي إيلات والعقبة، خط أنابيب بترول إيلات أشكيلون والموجود حالياً ومشروع «قناة البحرين» الإسرائيلية، حيث لوحت إسرائيل، بمشروع شق قناة ما بين خليج العقبة والبحر المتوسط باعتبارها التصور العلمي لايجاد بديل للقناة. والرسالة الأخيرة أن دول العالم ما تزال تبحث عن مسارات ومنافذ بحرية جديدة وفقاً لمصالحها المشتركة.
* أكاديمي متخصص في العلوم السياسية والاستراتيجية.