قادت رئيسة الوزراء الدنماركية «ميت فريدريكسن» «الاشتراكيين الديمقراطيين» إلى النصر في عام 2019 من خلال مناصرتها للسياسة الاقتصادية اليسارية -والموقف المتشدد المناهض للهجرة.
والآن، تواجه حكومتها تدقيقاً دولياً متزايدا ًبشأن جهودها لطرد بعض اللاجئين السوريين من خلال إلغاء تصاريح إقامتهم، حيث تجادل بأن بعض أجزاء سوريا آمنة للعودة إليها.
وقالت «ميشالا بنديكسن»، رئيسة منظمة «مرحباً باللاجئين في الدنمارك»، إن الحكومة الدنماركية «تدمر البلاد بمحاولة اتباع هؤلاء الناخبين المتوقع موافقتهم على هذه السياسة. إنها تدمر سمعتنا في جميع أنحاء العالم. وتدمر اندماج هؤلاء (اللاجئين) الموجودين هنا بالفعل».
يذكر أن ما يقرب من 500 سوري عالقون في طي النسيان منذ أن قالت الدنمارك إنها تعيد تقييم تصاريح الإقامة المؤقتة للاجئين من دمشق العاصمة، ومحافظة ريف دمشق، وكلاهما يسيطر عليهما الرئيس السوري بشار الأسد.
وصنف تقرير صادر عن دائرة الهجرة الدنماركية عام 2019 هذه المناطق على أنها آمنة، مشيرا إلى انخفاض القتال هناك منذ عام 2015. لكن يوم الاثنين الماضي، شجب بعض الخبراء والمنظمات الذين تمت مقابلتهم من أجل التقرير استنتاج الحكومة.
وكتبوا في رسالة نشرتها «منظمة هيومن رايتس ووتش» ومقرها نيويورك: «ربما لم تشهد دمشق أعمال قتالية نشطة منذ مايو 2018 -لكن هذا لا يعني أنها باتت آمنة بحيث تسمح بعود اللاجئين إليها. إن العديد من الدوافع الرئيسة للنزوح من سوريا لا تزال قائمة، حيث فر غالبية اللاجئين وما زالوا يخشون أجهزة الأمن الحكومية والاحتجاز التعسفي».
وقد طلب أكثر من مليون سوري اللجوء في أوروبا خلال العقد الماضي. واستقبلت الدنمارك عددا صغيرا نسبيا، حوالي 32,000 لاجئ.
مُنح حوالي 5,000 من هؤلاء السوريين تصريحاً مؤقتاً للبقاء في الدنمارك على أساس انعدام الأمن العام في سوريا، وليس بسبب تهديد فردي مباشر. ويتم إعادة تقييم طلبات اللجوء المقدمة من السوريين في هذه الفئة من دمشق وريف دمشق، وكذلك الأقارب المرتبطين بقضاياهم.
من ناحية أخرى، رفض البرلمان الأوروبي ووكالة الأمم المتحدة للاجئين ووزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكين، من بين آخرين، الإعادة القسرية للاجئين إلى سوريا. وقال «بلينكن» لمجلس الأمن الدولي في مارس «ليس من مصلحة الشعب السوري الضغط على اللاجئين السوريين للعودة إلى سوريا، بما في ذلك المناطق التي يسيطر عليها النظام، حيث يخشى الكثيرون من تعرضهم للاحتجاز التعسفي أو التعذيب».
منذ عام 2019، ألغت دائرة الهجرة الدنماركية أو رفضت تجديد تصاريح الإقامة لنحو 200 سوري من دمشق وريف دمشق، وفقاً للأرقام التي قدمتها لصحيفة واشنطن بوست.
وقالت الوكالة «لقد تغيرت الظروف بشكل كبير على مدى فترة طويلة من الزمن» و«لم يعد هناك خطر عام للتعرض للانتهاكات». وقالت دائرة الهجرة إنه في مئات الحالات الأخرى التي تمت مراجعتها، تمت الموافقة مجدداً على تصاريح الإقامة، أو تمت ترقية وضع الهجرة لمقدم الطلب.
تخضع حالات الإقامة المرفوضة أو الملغاة للمراجعة من قبل مجلس طعون اللاجئين، الذي قام بين يونيو 2019 وأبريل الجاري بمراجعة 86 حالة، ووقف إلى جانب السلطات في 39 منها، وفقاً لبنديكسن.
لا توجد علاقات دبلوماسية بين الدنمارك وسوريا، لذا لا يمكن للسلطات الدنماركية ترحيل السوريين الذين خسروا طعونهم. وبدلاً من ذلك، يتم إرسالهم إلى أجل غير مسمى إلى «مراكز المغادرة». قالت بنديكسين، التي شبهت الظروف بـ «السجن المفتوح»، إنه لا يُسمح لهم بالعمل، ولا يمكنهم مغادرة المرافق لأكثر من 24 ساعة في المرة الواحدة.
ومن جانبها، قالت «شارلوت سلينتي»، الأمينة العامة للمجلس الدنماركي للاجئين، لواشنطن بوست «طالما أن الوضع في سوريا لا يفضي إلى العودة، نعتقد أنه من غير المجدي إبعاد الناس عن الحياة التي يحاولون بناءها في الدنمارك وتركهم في وضع الانتظار دون تحديد موعد نهائي بعد فرارهم من الصراع المروع في وطنهم».
وقالت بنديكسن إنها قلقة من أن هؤلاء السوريين سيحاولون الفرار إلى أماكن أخرى في أوروبا بدلاً من الانتظار في مراكز المغادرة. وبالمثل، ألغت السلطات الدنماركية تصاريح الإقامة الممنوحة لمئات من اللاجئين الصوماليين، وكثير منهم قالت بنديكسين إنهم اختفوا فعلياً. كما رفضت فكرة أن الحكومة كانت تستجيب لمعارضة شعبية واسعة للمهاجرين. وبدلاً من ذلك، قال «بنديكسن»، على مدى العقدين الماضيين، جعل حزب الشعب الدنماركي القومي من موقفه المناهض للهجرة شرطاً رئيساً لكسب دعم الكتلة في البرلمان. وقالت إنه نتيجة لذلك، «وافقت جميع الأطراف الرئيسة تقريباً على سياسة الهجرة المتطرفة هذه».

*كاتبة أميركية متخصصة في شؤون الشرق الأوسط
ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»