تضاعف عدد المصابين بارتفاع ضغط الدم في الفئة العمرية من سن 39 إلى 79، خلال الثلاثين عاماً الماضية، من 650 مليوناً إلى مليار و280 مليون مصاب، على حسب دراسة عالمية كبرى نشرت في العدد الأخير من إحدى الدوريات الطبية المرموقة (The Lancet) أجراها الباحثون في إمبريال كولدج لندن، واختصت بمتابعة مدى انتشار الإصابة بارتفاع ضغط الدم، وبفعالية وكفاءة إجراءات التشخيص والعلاج.

وبخلاف إظهار الدراسة للزيادة الكبيرة للمصابين، أظهرت أيضاً أن نصف هؤلاء ليسوا على دراية بمرضهم من الأساس. ويعتبر مرض ارتفاع ضغط الدم من الحالات الطبية الخطيرة، حيث يزيد من خطر الإصابة بالذبحة الصدرية، والسكتة الدماغية، وأمراض الكليتين. ويعتبر ارتفاع ضغط الدم مسؤولاً رئيسياً عن الوفيات المبكرة حول العالم، كونه مرضاً واسع الانتشار، يصيب واحداً من كل أربعة من الرجال، وواحدة من كل خمس من النساء، بإجمالي أكثر من مليار وربع المليار من أفراد الجنس البشري، حسب نتائج دراسة إمبريال كولدج لندن الأخيرة. وتعتبر هذه الدراسة ثمرة تعاون شبكة واسعة من العلماء والباحثين، حيث غطت الفترة من عام 1990 إلى 2019 لمدة ثلاثين عاماً، وشملت البيانات الصحية لأكثر من 100 مليون شخص، مما جعلها الدراسة الأطول والأكثر شمولاً على الإطلاق.

وربما كان من أكثر الحقائق الصادمة التي أكدتها هذه الدراسة، أنه رغم أن تشخيص الإصابة لا يحتاج لأجهزة معقدة أو مهارات خاصة، كما أن العلاج سهل نسبياً باستخدام أدوية وعقاقير منخفضة التكلفة، إلا أن هناك فجوة كبيرة بين أعداد المصابين، وبين أعداد من تم تشخيصهم بالفعل ويتلقون علاجاً، وهي فجوة تبلغ بالتحديد 850 مليون شخص، مصابين دون أن يكونوا على دراية بمرضهم.

ومما يزيد الموقف سوءاً أن 60% من الرجال المصابين بارتفاع ضغط الدم، و53% من النساء المصابات، لا يتلقون حالياً ما يحتاجونه من علاج. حيث يقدر أن واحداً فقط من كل 4 من الرجال المصابين بارتفاع ضغط الدم، وواحدة فقط من بين كل 5 من النساء المصابات، يتلقون العلاج المناسب والكفيل بخفض ضغط الدم داخل شرايينهم إلى مستوياته الطبيعية.

وأمام هذا الموقف، وبالتزامن مع نشر نتائج الدراسة سابقة الذكر، أصدرت منظمة الصحة العالمية، تحديثاً للتوصيات المتعلقة بكيفية تشخيص وعلاج ارتفاع ضغط الدم، وهو التحديث الأول من نوعه منذ أكثر من 20 عاماً، والمبني على أحدث الأدلة العلمية والطبية، سعياً نحو مساعدة دول وشعوب العالم على إدارة هذا المرض، وخصوصاً الدول النامية والفقيرة التي تتحمل حالياً أكثر من ثلثي العبء المرضي لارتفاع ضغط الدم.

* كاتب متخصص في الشؤون العلمية والطبية.