وثيقة «مبادئ الخمسين» تضع الأسس والمبادئ الحاكمة للمسار الاستراتيجي الذي ستسلكه الدولة لتحقيق رؤيتها المستقبلية الطموحة _. _ تتفق أدبيات الدراسات المستقبلية على أنه لا يمكن بناء المستقبل وتحقيق التفوق والريادة فيه إلا من خلال التخطيط المسبق والاستشراف المبني على أسس علمية سليمة. وتُمثل دولة الإمارات العربية المتحدة، في هذا الصدد، نموذجاً للدولة التي تخطط للمستقبل وتعمل على تحقيق التفوق فيه من خلال استراتيجيات طموحة مبنية على تخطيط علمي سليم وإرادة قيادة سياسية لا تعرف المستحيل وشعبٍ واعٍ لا يقبل إلا بالريادة والتميز.

جاء، في هذا السياق، إعلان دولة الإمارات عن وثيقة «مبادئ الخمسين» التي تضع الأسس والمبادئ الحاكمة للمسار الاستراتيجي الذي ستسلكه الدولة لتحقيق رؤيتها المستقبلية الطموحة، والتي ستكون بمنزلة المرجعية أو الدليل الذي تسترشد به كافة مؤسسات الدولة في وضع خططها المستقبلية لتعزيز أركان الاتحاد وبناء اقتصاد مستدام، وتسخير جميع الموارد لمجتمع أكثر ازدهاراً، وتطوير علاقات إقليمية ودولية لتحقيق مصالح الدولة العليا ودعم أسس السلام والاستقرار في العالم، كما أشار إلى ذلك صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة في تغريدة له بمناسبة الإعلان عن هذه الوثيقة.

ومن خلال القراءة السريعة للمبادئ العشرة التي تضمنتها هذه الوثيقة يمكن تحديد مسار التوجهات الاستراتيجية الإماراتية لبناء المستقبل الذي تنشده، وتحقيق رؤيتها الطموحة في أن تكون أفضل بلدان العالم في جميع المؤشرات التنموية بحلول الذكرى المئوية لتأسيسها عام 2071 في أربعة مسارات أساسية هي: الأول: ترسيخ قوة الاتحاد باعتبار أن الاستقرار والتناغم الداخلي هو الأساس الأول والضروري لتحقيق التنمية والانطلاق نحو المستقبل، ومن هنا جاء تأكيد الوثيقة على أن تقوية الاتحاد سيبقى هو الأولوية الرئيسية الكبرى للدولة.

الثاني: التركيز بشكل كامل على «بناء الاقتصاد الأفضل والأنشط في العالم» انطلاقاً من حقيقة أن الاقتصاد هو المحرك لتقدم الأمم وازدهارها ورخائها، وضمن هذا السياق جاء التأكيد على أن هدف السياسة الخارجية والداخلية هو خدمة الاقتصاد، ومواصلة جهود تنمية رأس المال البشري لتحقيق التنمية من خلال تطوير التعليم واستقطاب المواهب وأصحاب التخصصات، إضافة إلى تأكيد أهمية التفوق الرقمي، والتقني، والعلمي للإمارات كرافد أساسي لتعزيز التنمية الاقتصادية في المستقبل.

الثالث: ترسيخ السمعة العالمية الإيجابية والبناءة لدولة الإمارات، واعتبار ذلك «مسؤولية وطنية للمؤسسات كافة»، والحديث هنا عن «ترسيخ» لأن الإمارات نجحت بالفعل خلال العقود الخمسة الماضية في بناء صورة مشرقة لها في العالم كله، جعلتها تتصدر المؤشرات الدولية في القوة الناعمة. وأكدت الوثيقة، في هذا الإطار، على ضرورة الإبقاء على منظومة القيم الإماراتية القائمة وتعزيزها في اتجاه الانفتاح، والتسامح، والسلام، والأخوة الإنسانية، وتأكيد مواصلة جهود الدولة في مجال تقديم المساعدات الإنسانية والتنموية، وغيرها من الأسس التي ضمنت للإمارات سمعتها الطيبة في العالم كله.

أما المسار الرابع والأخير، فهو مسار السياسة الخارجية، والذي سيركز على بناء العلاقات الإيجابية البناءة مع كافة الدول، ولا سيما دول الجوار، ودعم جهود السلام والاستقرار العالمي والإقليمي، وضمان استدامة التنمية في المنطقة والعالم. ولا شك في أن هذه الوثيقة المهمة سترسخ صورة الإمارات دولةً تعرف الطريق إلى المستقبل من خلال رسم رؤية مستقبليّة احترافية تهدف في نهاية الأمر لبناء المواطن، والاستثمار في طاقاته، وتطوير كفاءته بوصفه أنجح استثمار في المستقبل.

«تريندز» للبحوث والاستشارات.