أوروبا لديها أكثر خطط المناخ طموحاً في العالم، لكن الإرادة السياسية تواجه اختباراً من خلال ارتفاع تكاليف الطاقة قفزت الأسعار في أسواق الطاقة في أوروبا، من الغاز الطبيعي إلى تصاريح استخدام الكربون، إلى مستويات قياسية، وسط توقعات بالمزيد من الارتفاعات من جراء تفاقم نقص الإمدادات مع بدء فصل الشتاء.

تتراجع مخزونات الطاقة من كافة المصادر، من الغاز الطبيعي إلى الفحم، وحتى المياه التي تستخدمها النرويج لإنتاج الكهرباء، وسط غياب المؤشرات على أن الوضع سيتحسن قريباً، خاصة أن هذا يتزامن مع تعافي الطلب بعد الجائحة. ووفقاً لتقرير أعده محللو بلومبيرج إن إي إف: «سيظل ميزان العرض والطلب في أوروبا محدوداً بشكل غير معتاد مع حلول فصل الشتاء، مما يضيف مزيداً من ضغوط الأسعار التي وصلت بالفعل إلى مستويات قياسية».

وتوقف كثيرون من موردي الطاقة الأصغر في المملكة المتحدة، بينما يكافح بعض تجار الكهرباء بالتجزئة في فرنسا لتزويد العملاء، وهم أيضاً معرضون لخطر الإفلاس. في غضون ذلك، حذر عمال المناجم في أوروبا من أن الأسعار غير المسبوقة يمكن أن تعطل تحولهم بعيداً عن الوقود الأحفوري. ارتفعت العقود الآجلة للغاز الطبيعي في هولندا بنسبة 12%، بينما قفزت العقود الآجلة للكربون بنسبة 2ر2%.

كما ارتفعت العقود المماثلة في المملكة المتحدة بنفس المعدل. كما ارتفعت أسعار الكهرباء في ألمانيا للعام المقبل إلى مستويات قياسية جديدة، في حين تراجعت العقود الآجلة للكربون بعد أن قفزت في وقت سابق إلى مستوى قياسي. وارتفع سعر خام برنت القياسي للأسواق العالمية إلى حوالي 80 دولاراً للبرميل للمرة الأولى منذ أكتوبر 2018، وسجلت أسعار الفحم في شمال غرب أوروبا أعلى مستوياتها منذ الأزمة المالية لعام 2018.

ومن المقرر أن يتناول القادة الأوروبيون أنفسهم مسألة ارتفاع أسعار الطاقة خلال اجتماعهم في بروكسل لحضور قمة يومي 21-22 أكتوبر، وفقاً لمسودة جدول أعمال الاجتماع التي اطلعت عليها بلومبيرج. يقول جيف كوري، رئيس أبحاث السوق العالمي في بنك جولدنمان ساكس في مقابلة مع تليفزيون بلومبيرج: «هذه هي الجولات الأولى لدورة سلع عملاقة متعددة السنوات، ومن المحتمل أن تستمر لعقد من الزمن. وهي مدفوعة بالحرب على تغير المناخ، والحرب على عدم المساواة في الدخل. كل هذه الديناميكيات تؤدي إلى ارتفاع هيكلي في الطلب على السلع».

جاء التحذير الأخير من أن أزمة الطاقة تنتشر في جميع أنحاء أوروبا من شركة «ستاتنيت» لتشغيل الشبكة النرويجية، والتي قالت إن إمدادات الكهرباء في جنوب غرب البلاد «تتعرض لضغوط» بسبب تدني التدفقات الواردة وتراجع المخزونات. ومن الممكن أن يؤدي النقص إلى إعاقة الصادرات إلى الأسواق الأخرى لأن هذا الجزء من البلاد هو مركز لشحنات الطاقة إلى الخارج. تعد المملكة المتحدة، التي تكافح مع أزمة إمدادات خاصة بها، بالإضافة إلى ألمانيا والدنمارك، كلها متصلة بالشبكة النرويجية عبر كابلات طويلة في قاع البحر. أوروبا لديها أكثر خطط المناخ طموحاً في العالم، لكن الإرادة السياسية تواجه اختباراً من خلال ارتفاع تكاليف الطاقة. في الوقت الذي تتخذ فيه الدول خطوات لتخفيف الضرر على المستهلكين، حذرت إسبانيا الاتحاد الأوروبي من أن إجراءات خفض الانبعاثات «قد لا تصمد أمام فترة طويلة من ارتفاع أسعار الكهرباء».

يعود قدر كبير من ارتفاع الأسعار إلى نقص الغاز، بعد فصل شتاء بارد وطويل أدى إلى نضوب المخزونات، التي وصلت الآن إلى أدنى مستوياتها منذ أكثر من عقد في هذا الوقت من العام. وثمة توقعات ببلوغ مستويات التخزين في أوروبا في نهاية مارس إلى 2.5 مليار متر مكعب، أو 3.8% فقط من السعة الكاملة. كما تؤدي سرعات الرياح المخفضة أيضاً إلى استخدام المزيد من الوقود لتوليد الطاقة. انخفض تدفق الغاز الروسي عبر طريق العبور الرئيسي بأكثر من النصف في وقت مبكر من يوم الثلاثاء الماضي. وبينما تركز شركة غازبروم على إعادة تعبئة مخزون الغاز داخل روسيا، تقول الشركة، إن جميع التزاماتها المتعلقة بالتصدير والتوريد قد تم الوفاء بها، وأن التراجع الحالي في عمليات التسليم عبر رابط «يامال-يوروب» هو «وضع مؤقت» بسبب طلب العميل.

  • صحفيون متخصصون في قضايا الطاقة

  • ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»