يعتبر اليوم العالمي لمرض السكري، والذي يحل كل عام في الرابع عشر من نوفمبر، مناسبة مهمة محلياً ودولياً، تستثمرها العديد من الجهات والمؤسسات والمنظمات العاملة في مجال الرعاية الصحية، لزيادة الوعي بهذا المرض واسع الانتشار، مما يجعله من أهم القضايا الصحية الدولية، وبهدف تسليط الضوء على الإجراءات والتدابير التي يمكن للدول منفردة، وللعالم أجمع، أن تتحد سعياً نحو بلوغ مستويات أفضل من الوقاية، والتشخيص، ومن إدارة المرض برمته.

وإذا خصصنا بالحديث هنا فقط النوع الثاني من السكري، فسنجد أن أعداد المصابين به في تزايد مستمر، من 108 ملايين عام 1980 إلى 422 مليوناً عام 2016، مع التوقع أن يتخطى عدد المصابين حاجز نصف المليار بحلول عام 2030. وبذلك أصبح داء السكري أحد أهم الأمراض المزمنة في العصر الحديث، وأحد أهم أسباب الوفيات. حيث يحتل هذا المرض حالياً المرتبة الثامنة على قائمة أسباب الوفيات، متسبباً في 1.5 مليون وفاة سنوياً، وهو الرقم الذي يرتفع إلى 4.9 مليون وفاة، إذا ما أخذنا في الاعتبار الوفيات غير المباشرة الناتجة عن مضاعفاته، مثل أمراض القلب والشرايين، والفشل الكلوي، وغيرها.

ويتزامن اليوم العالمي للسكري هذه السنة، في نهاية عام شهد نشاطات مكثفة، سعت من خلالها مؤسسات الرعاية الصحية والمنظمات الدولية، للدفع بالسكري إلى بؤرة اهتمام واضعي السياسات الصحية، والجهات الممولة لنظم الرعاية الصحية، والمراكز العلمية والبحثية الناشطة في هذا المجال. حيث تزامن اليوم العالمي للسكري هذه السنة، مع ذكرى مرور مئة عام على اكتشاف هرمون الأنسولين، والذي يعتبر أهم عقار في ترسانة الأسلحة المتوفرة للطب الحديث، لتجنب مضاعفات هذا المرض، وخفض نسبة الوفيات الناتجة عنه.

وللأسف، بعد مرور قرن كامل على اكتشاف هذا العقار الحيوي، واللازم أحياناً كثيرة للاستمرار في الحياة، لا زالت الهوة تتسع بين من يتوفر لهم الأنسولين، وبين من لا يتوفر لهم هذا العقار، ولا تتوفر لهم أيضاً الأدوات الأخرى الضرورية لإدارة مرضهم، بما في ذلك الأجهزة والأشرطة اللازمة لقياس مستوى السكر في الدم. فعلى حسب الدراسات الحديثة، قرابة نصف المرضى الذين يحتاجون إلى الأنسولين لن يتمكنوا من الحصول عليه، وذلك على خلفية أن واحداً من كل اثنين من مرضى النوع الثاني لا يتوافر لهم الأنسولين حالياً. هذه الأزمة العالمية من نقص الأنسولين ترد إلى سببين رئيسيين: الأول هو السعر، والسبب الثاني هو احتياج شبكات توزيعه وإيصاله للمرضى إلى بنية تحتية من سلسلة التبريد، المتواصلة وغير المنقطعة بالمرة، والتي يجب أن توفر أيضاً للمرضى، الحقن والإبر اللازمة لحقن العقار تحت الجلد.
كاتب متخصص في الشؤون العلمية