سجَّلت دولة الإمارات أعداداً للإصابات بفيروس كورونا لا تتجاوز 60 في كثير من الأيام الماضية، ما يشير إلى أن الدولة تجني الآن ثمار العمل الدائب والجاد، والخطط المتكاملة التي اشتركت في صياغتها المؤسسات والهيئات والجهات المعنية، في تنسيق وتوافق تامِّين، واستجابة سريعة ويقظة لكل المتغيرات، لا تقوم فقط على قراءة الأوضاع القائمة، بل ترتكز أيضًا على الاستعداد للمستقبل من خلال استقراء خريطة انتشار الجائحة وتطوراتها في المنطقة والعالم وتوقع مساراتها اللاحقة.
هذه النتائج تعني إنقاذاً لآلاف البشر، الذين كان يمكن للمرض أن يفتك بأرواحهم، لولا أن الدولة كرَّست كل طاقاتها وجهودها لمحاصرة الجائحة واحتواء آثارها. وتعبر هذه الجهود عن نفسها- إلى جانب خفض عدد الإصابات - في الأرقام والنسب التي أعلنها الدكتور طاهر العامري، المتحدث الرسمي باسم «الهيئة الوطنية لإدارة الطوارئ والأزمات والكوارث»، الثلاثاء الماضي، حيث حصل 98.82% على الجرعة الأولى من اللقاح من إجمالي سكان الدولة، و90.2% على جرعتين. وتمنحنا هذه الأرقام والمؤشرات أماناً واطمئناناً لا يمكن التقليل منهما، غير أن هذه الحقيقة لا تقلل من أهمية مواصلة إجراءات الوقاية والالتزام بها.
وكعادتها في تحويل التحديات إلى فرص، فإن دولة الإمارات قد عززت استثماراتها في قطاع الصحة، وعملت على تطوير الصناعات الطبية الحيوية فيها، مستندة إلى تجربتها الناجحة في التغلب على جائحة كورونا.
لكن من الضروري الإشارة إلى أن ذلك النهج كان قائماً من الأصل حتى قبل تفشي الجائحة، إذ شملت «استراتيجية الإمارات لاستشراف المستقبل»، التي صدرت عام 2016، أي قبل جائحة كورونا بسنوات، قطاع الصحة، وركزت على «استشراف مستقبل قطاع الصحة والرعاية الصحية في العالم وتوقعات الطلب المستقبلي والتوصيات الاستباقية».
وفي نموذج لتعزيز الاستثمارات النوعية، وفي شراكة بين القطاعين الصناعي والصحي تجمع بين الابتكار والتقنيات المتطورة، أطلقت وزارة الصناعة والتكنولوجيا المتقدمة، الأربعاء 24 نوفمبر 2021، مبادرة «مركز الصناعات الطبية الحيوية»، بالاشتراك مع منظمة الأمم المتحدة للتنمية الصناعية «يونيدو»، من أجل «تعزيز البحوث والتصنيع في قطاع الصحة وعلوم الحياة والاستجابة للمخاطر والتحديات الصحية الحالية والطارئة في العالم، بالإضافة إلى تمكين الوصول العادل للدول إلى العلاجات والمنتجات الصحية اللازمة في المستقبل».
وتعكس مثل هذه الخطوات، التي لا تتوقف، فلسفة الدولة في الاستعداد للمستقبل على أساس من المعرفة الدقيقة والوعي والشراكات المثمرة بين القطاعات المختلفة في الدولة، وبينها وبين المؤسسات العالمية؛ ما يشير إلى مزيد من تعزيز النجاحات في القطاع الصحي، الذي أصبح محطّ اهتمام العالم، وجعل منه أحد المعايير المهمة في تحديد مكانة الدول على خريطة التطور والتقدم في العالم.

عن نشرة "أخبار الساعة" الصادرة عن مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية