قبل أسابيع بدأت مسيرةٌ جديدةٌ، متميزةٌ وحافلةٌ، لدولتنا وقد أكملت عقدها الخامس.. خمسة عقود حققت خلالها الإمارات ما يشبه المعجزات على صعيد بناء الدولة الحديثة وتعزيز مقوماتها الإنسانية، وهي تقف اليومَ شامخةً كدولة محورية في العالم، كما تنتقل من مرحلة البناء والتأسيس إلى مرحلة المستقبل بخمسينية ازدهار أخرى. فعلى أرض الإمارات يجتمع اليومَ العالمُ كلُّه في «إكسبو 2020 دبي»، وقد حققت إنجازات دولية غير مسبوقة، تتمثل في فوزها بعضوية مجلس الأمن ومجلس حقوق الإنسان ورئاسة المنظمة الدولية للعدالة الجنائية.. وما بين الأرض والسماء، تمتلك الإمارات أفضل وأحدث البرامج المعنية بعلوم واستكشاف الفضاء، إذ يشارك أبناؤها زملاءَهم البحوثَ العلميةَ في منصات الفضاء الدولية، ومسبارُها الذي يحمل «الأمل» العربي يشق طريقَه لكشف أغوار الفضاء ولاستلهام علومه خدمةً لمستقبل البشرية على الأرض.
ومع انطلاق العام الجديد 2022 ستبدأ الإمارات عضويتَها في مجلس الأمن الدولي، لتشارك دولَ العالم العنايةَ والمسؤوليةَ عن تحقيق وحفظ وتعزيز الأمن والسلم الدوليين في مرحلة بالغة الصعوبة. وإذا علمنا أن هناك المزيد من الأزمات والنزاعات المسلحة التي تزيد من معاناة شعوب العالم، علاوة على ما يواجهه في ظل جائحة فيروس «كوفيد-19» ومتحوراته.. فإن مزيداً من التحديات ستواجه مجلس الأمن وهو يقوم بمسؤولياته في حفظ السلم العالمي. وبرصيدها وتجربتها الفريدة في تعزيز السلم بالعالم، ستسهم الإمارات -دون شك- في كل ما يخص السلام الإنساني والحضاري بين المجتمعات الإنسانية. فالإنسان هو الباعث للصراعات والحروب، وهو أيضاً مَن يحقق السلام إذا ما بُعثت فيه قيم التسامح وقبول الآخر وعُززت لديه روح الإنسانية العالمية المشتركة، أي كل المعاني التي قامت الإمارات وتقوم بنشرها في العالم.
وعلى صعيد حقوق الإنسان، تبدأ الإمارات أيضاً في يناير المقبل دورتَها الثالثة كعضو في مجلس حقوق الإنسان، لتسهم مع العديد من الدول في إعلاء وتعزيز القيم والمبادئ الإنسانية السامية في العالم، إضافة إلى تطوير ممارسات الدول وعنايتها وتشريعاتها المتصلة بحقوق الإنسان، بما يسهم في الارتقاء بحالة حقوق الإنسان عبر العالم على ضوء ما تكفله الصكوك والتشريعات الدولية المعنية بحقوق الإنسان.. وهي التجربة التي تتميز فيها الإمارات، كونها نجحت في إيجاد نهج إنساني للتقارب بين القيم والمبادئ السامية التي تكرست بالإعلان العالمي لحقوق الإنسان وبين المبادئ التي نادى بها إعلان الأمم المتحدة لتحقيق التنمية الإنسانية.. نهج يمثل فيه «الإنسان» محوراً أساسياً للتنمية.
وحيث إن ضمان تحقيق العدالة ومحاربة الإفلات من العقاب قضية رئيسية في إطار العناية بالقيم والمبادئ الإنسانية، فإن رئاسة الإمارات للمنظمة الدولية للعدالة الجنائية أمر لا يمكن فصله عن مسارات الإمارات المستقبلية المعنية بحقوق الإنسان، إذ سيكون لها دور بارز ورئيسي في تعزيز الشراكة الدولية المعنية بمكافحة الجريمة الدولية. وستضيف الإمارات إلى عمل المنظمة واستراتيجيتها وسياساتها الكثيرَ من التطوير والارتقاء، نظراً لتجربتها الوطنية الرائدة في مجال محاربة الجريمة الدولية وتحقيق العدالة ومكافحة الإفلات من العقاب.. وهي الممارسات الفضلى التي تحظى بالعناية والاهتمام للاسترشاد بها في تطوير السياسات والممارسات الأمنية المعنية بتحقيق العدالة ومكافحة الجريمة. وبذلك تستقبل الإمارات عاماً جديداً بطموحات وإنجازات جديدة.

كاتبة إماراتية