استكمالاً لملف «الأمن البيئي»، لابد أن نوضح أن الأولويات الرئيسية للخطة الوطنية للتغير المناخي في دولة الإمارات العربية المتحدة تشمل محاور رئيسية، منها «النظام الوطني لإدارة انبعاثات الغازات الدفيئة»، حيث حققت الدولة تقدماً كبيراً في مجال حصر وإدارة انبعاثات الغازات الدفيئة، وتسعى الخطة الوطنية للتغير المناخي لإحداث نقلة في هذا المجال، وذلك بتجميع الجهود الجارية على المستوى المحلي، ووضع إطار موحد لقياس الانبعاثات وتقديم التقارير، وإيجاد نظام متكامل للرصد والإبلاغ والتحقق من تطبيق أفضل الممارسات على مستوى العالم، وسيتم استحداث نظام وطني للمعلومات المناخية للاستفادة من بيانات الانبعاثات في دعم عمليات البحث العلمي والتنبؤ بتداعيات التغير المناخي على الدولة. 
كذلك تشمل الخطة محور «برامج وطنية للتكيف مع التغير المناخي»، حيث إنه في ظل تغيرات المناخ المتوقعة وما يترتب على ذلك من نتائج، فإنه لابد من تعميم المرونة تجاه المناخ في المخططات التنموية للدولة على مستوى القطاعات كافة، واتخاذ ما يلزم من تدابير وإجراءات لتحقيق أعلى درجات الاستعداد وإدارة المخاطر، سواء في الوقت الحالي أو المستقبلي، وقد بدأت مختلف القطاعات في الدولة فعلياً تقييم المخاطر وتقدير مستوى الهشاشة، إلا أنها ما زالت في بدايتها. لذلك، فإنه من الضروري التخطيط للتكيف مع التغير المناخي بطريقة تشمل كل القطاعات على المستوى الوطني، وذلك بناء على أساس ثابت من الأدلة والأبحاث العلمية، مع الأخذ بعين الاعتبار ضرورات الدولة التنموية.
وتشمل الخطة محور «وضع برامج للتنويع الاقتصادي التنموي بالتعاون مع القطاع الخاص»، حيث تهدف الخطة إلى المساهمة بفاعلية في توجه الدولة نحو التنوع الاقتصادي، وذلك بتوفير أنظمة وحوافز فعالة تدعم مشاركة القطاع الخاص في عملية التنمية، وتضمن تعزيز سوق السلع والخدمات البيئية في الدولة.
ويعتبر القطاع الخاص رافداً مهماً للابتكار في معالجة تحديات التنمية المستدامة على المستوى العالمي، إذ يمتلك خبرات وإمكانيات هائلة لتوفير الحلول في مجالي التخفيف من آثار التغير المناخي، وتحويل ما يشوب ذلك من تحديات إلى فرص استثمارية تجعل اقتصاد الدولة أكثر تنوعاً وابتكاراً، وفي ذات الوقت أكثر قدرة على التعايش مع آثار التغير المناخي.
وتستضيف دولة الإمارات العربية المتحدة بالعاصمة أبوظبي في العام 2023 مؤتمر الدول الأطراف في الاتفاقية الإطارية للأمم المتحدة بشأن تغير المناخ «COP28»، وهو ملتقى لقادة العالم وأبرز الخبراء وصانعي القرارات والناشطين الدوليين لمواصلة جهود العمل المناخي والتصدي للتحديات العالمية ودفع عجلة التنمية الاقتصادية المستدامة. ومن ناحية عملية، تعتبر استضافة العاصمة أبوظبي لهذا المؤتمر الدولي مواكبة وتعزيزاً لجهود الأمم المتحدة من قبل دولة الإمارات التي تسير وفق نهج متميز ورؤية استباقية وتتبنى تفكيراً استشرافياً في إطار جهودها المناخية التي كان آخرها إطلاق مبادرتها الاستراتيجية «الحياد المناخي بحلول 2050» بهدف تحقيق الحياد المناخي والوصول لنسبة صفر انبعاثات كربونية بحلول عام 2050، ويؤكد الإجماع الدولي على اختيار الإمارات لاستضافة مؤتمر المناخ، يثبت قدرة الدولة على إحداث تغيير إيجابي لضمان مستقبل قائم على التنمية المستدامة، ويعكس في الوقت نفسه ثقة العالم بمكانتها مركزاً فاعلاً ومؤثراً في إيجاد حلول عملية للقضايا الدولية المحورية.
وقد ركزت دولة الإمارات العربية المتحدة جلّ اهتمامها خلال العقود الثلاثة الماضية على معالجة الأزمة المناخية، وبذلت جهوداً حثيثة لمواجهة تحديات الاستدامة العالمية، بدءاً من أجندة دولة الإمارات الخضراء 2015- 2030، إلى الخطة الوطنية لتغير المناخ 2017- 2050، وصولاً إلى وضعها سياسة الاقتصاد الدائري 2021-2031، إضافة إلى الإجراءات والقوانين التي تتعلق بالبيئة والتي سنتها دولة الإمارات كدليل قوي على التزامها ومساهمتها في الحراك البيئي العالمي نحو عالم أفضل للعيش.
بالطبع فإن الأدوار الفاعلة لمؤتمر الأطراف المناخي والذي يتيح منصة تجمع قادة العالم وخبراء الاستدامة، والمنظمات غير الربحية والمؤسسات، حيث يبتكرون من خلالها استراتيجيات وخطط عمل إيجابية لضمان مستقبل أفضل للجميع.. ومن هذا المنطلق، وحسب ما ذكرت الشيخة شما بنت سلطان بن خليفة آل نهيان، الرئيس التنفيذي لمؤسسة تحالف من أجل الاستدامة العالمية، أن نعبر عن فخرنا باستضافة دولة الإمارات للدورة الثامنة والعشرين لمؤتمر الأطراف COP28 بشأن تغير المناخ لمواكبة جهود الأمم المتحدة، حيث تتخذ دولة الإمارات نهجاً متميزاً ورؤية استباقية، وتتبنى تفكيراً استشرافياً في إطار جهودها المناخية ويتجلى ذلك باعتبارها من أوائل الدول التي وقعت وصدقت على اتفاقية باريس للمناخ، والأولى بالتزامها وتبنيها خطط تقليل الانبعاثات على مستوى اقتصادي، حيث أطلقت دولة الإمارات آخر مبادراتها الاستراتيجية المناخية «الحياد المناخي بحلول 2050» بهدف تحقيق الحياد المناخي والوصول لنسبة صفر انبعاثات كربونية بحلول عام 2050، وذلك ضمن جهودها الجماعية دعماً للبيئة المستدامة والعمل المناخي، والتي أعلنت عنها بالتزامن مع اليوبيل الذهبي لذكرى تأسيسها، لتمثل انعكاساً للتقدم الذي حققته خلال الخمسين عاماً الماضية، واستشرافاً للإنجازات التي سيحققها جيل الشباب في الخمسين القادمة.

لواء ركن طيار متقاعد