أدان مجلس الأمن الدولي، الجمعة الماضي، الهجومَ الإرهابي لمليشيات الحوثي الذي استهدف منشآت مدنية في أبوظبي الأسبوع الماضي باستخدام صواريخ كروز وصواريخ بالستية إلى جانب الطائرات المسيرة. وأكد بيان المجلس على ضرورة محاسبة الحوثيين ومكافحة الإرهاب الذي يهدد الأمن والسلم الدوليين.

وكان مجلس الأمن قد أدان مسبقاً اختطاف المليشيات الحوثية للسفينة الإماراتية «روابي».. فإلى متى ستستمر عربدة ميليشيا الحوثي بحراً وجواً وقفزها على كافة الاتفاقات وتجاوزها كل الخطوط الحمراء التي تحكم النزاعات المسلحة؟ لقد كشف الهجوم الإرهابي الحوثي عن حجم الإمكانيات العسكرية التي باتت تمتلكها ميليشيا الحوثي، إذ يشكل امتلاك هذه الميليشيا أسلحةً متطورةً تحدياً للمجتمع الدولي.

فجماعة الحوثي المارقة لا تخضع للمواثيق الدولية ولا تمتثل لاتفاقيات جنيف الأربع، كما يتضح من حقيقة أن الصواريخ والطائرات المسيرة تحتاج إلى قطع مسافة تصل إلى 1800 كيلو متر انطلاقاً من شمال اليمن إلى المواقع المدنية الآمنة التي استهدفتها الأسبوع الماضي، حيث أثار تبني الحوثيين للهجوم العديد من التساؤلات، وصرح الدكتور أنور قرقاش، المستشار الدبلوماسي لرئيس دولة الإمارات، يوم السبت 22 يناير خلال لقائه المبعوث الأميركي الخاص لليمن تيم ليندركينغ، موضحاً «أن الحوثيين يستخدمون ميناء الحديدة منشأةً عسكريةً للتمويل والتسليح وإدخال الصواريخ والطائرات المسيَّرة إلى اليمن لتهديد أمن دول المنطقة»، مشدداً على الحاجة إلى «تحرك دولي لوقف هذه النشاطات الإرهابية».

وكانت الولايات المتحدة في نهاية عهد الرئيس السابق دونالد ترامب قد صنّفت ميليشيا الحوثي كجماعة إرهابية، ثم تراجعت إدارة الرئيس بايدن عن هذا القرار في محاولة منها لإنهاء الحرب في اليمن بالدبلوماسية، وهو التراجع الأميركي الذي اعتبرته ميليشيا الحوثي انتصاراً دبلوماسياً لها، فسارعت على إثره لتصعيد اعتداءاتها على الجوار الإقليمي وعملت على عرقلة وصول المساعدات الإنسانية إلى اليمنيين، إضافة إلى ممارسة أعمال القرصنة البحرية.. وكل ذلك في ظل قراءة سياسية مغلوطة تعول على انشغال الإدارة الأميركية بملف المفاوضات النووية مع إيران.

المرونة الأميركية مع ميليشيا الحوثي أدت إلى تمادي هذه الأخيرة براً وبحراً وجواً، سواء بالقفز على القانون الدولي لحقوق الإنسان أو بانتهاك اتفاقيات جنيف الأربع التي تحكم الصراعات المسلحة. فاستهداف حركة الملاحة البحرية يضر بالعالم كله، إذ يستهدف عرقلة 6 ملايين برميل نفط تمر يومياً عبر مضيق باب المندب، شأنه شأن استهداف المطارات المدنية والمنشآت النفطية في السعودية والإمارات.

لقد ردت دولة الإمارات على الهجوم الحوثي بتحشيد الإدانات الدولية، إذ لا يجوز لأي دولة في العالم تلتزم بحماية الأمن والسلم الدوليين أن تبرر للحوثيين أفعالهم الإرهابية، بل من واجب المجتمع الدولي معاقبتهم. وعملت الإمارات على إصدار بيان إدانة من مجلس الأمن باعتبار الهجوم عملاً إرهابياً وانتهاكاً للقانون الدولي وتهديداً لأمن واستقرار المنطقة، كما دعت واشنطن إلى إعادة إدراج ميليشيا الحوثي على قائمة المنظمات الإرهابية الأجنبية وإعادة تفعيل حظر الأسلحة الذي فرضته الأمم المتحدة على اليمن منذ عام 2015.

وتسعى الجهود الحالية إلى محاصرة التمادي الحوثي والعمل على بلورة رؤية دولية واقعية للتعاطي مع خطر ميليشيا الحوثي، وذلك برفض التعامل معها كسلطة أمر واقع، وبدعم الحكومة اليمنية الشرعية في ضوء الوضع الكارثي داخل اليمن جراء رفض الحوثي لجهود السلام الدولية، أو بالأحرى مناورات السلام التي يستخدمها الحوثي كذريعة لكسب الوقت.. مما يبين الحاجة لبلورة حل شامل ينهي الحرب ويضع حداً للكارثة الإنسانية في اليمن.

*كاتبة إماراتية