الرأي الذي مفاده أن رئاسة بايدن تتخبط - وتتخبط - انتقل الآن من صفحات الرأي إلى صفحات الأخبار، ومن انتقادات الجناح اليميني إلى الاعتقاد السائد في واشنطن. 
وفي هذا السياق، كتبت زميلتاي ليزا ليرر وإيميلي كوشرين تقولان: «مع الفوضى التي تتخبط فيها أجندة البيت الأبيض التشريعية قبل أقل من عام على الانتخابات النصفية، يدق الديمقراطيون ناقوس الخطر، مشيرين إلى أن حزبهم يمكن أن يواجه خسائر أعمق مما كان متوقعاً إذا لم يكن هناك تحول كبير في الاستراتيجية يقوده الرئيس». 
والواقع أن بعضنا بدأ دق ناقوس الخطر منذ أشهر. فما الذي ينبغي فعله؟ في ما يلي بعض الاقتراحات بشأن التغيير المطلوب: 
أولاً: الرئيس يحتاج لفريق جديد، بدءاً برئيس موظفين جديد.
الحقيقة الأكثر لفتاً للانتباه بخصوص العام الأول لهذه الإدارة في السلطة هو تعثرها السياسي.
لماذا علِق مشروعُ قانون البنية التحتية لشهور في مشاحنات «ديمقراطية» داخلية؟ وكيف ألقى الرئيس جو بايدن خطابه الناري حول حقوق التصويت في جورجيا؟ ولماذا لم تستطع الإدارة التوصل لاتفاق مع جو مانشن بخصوص برنامج «إعادة البناء بشكل أحسن» - وأين هي الحصافة السياسية في جعل المتحدثة باسم البيت الأبيض جين ساكي تتهمه علانية بعدم الوفاء بوعده؟ ولماذا أمضى الرئيس السنة في إصدار توقعات تنم عن إفراط في الثقة بخصوص كل المواضيع تقريباً، من أفغانستان إلى الهجرة إلى التضخم؟ وكيف سمح بحدوث إخفاق اختبارات فيروس كورونا المنزلية؟
الواقع أن (رئيس موظفي البيت الأبيض الحالي) رون كلين مساعد وفي، ولكن الرئيس بايدن في حاجة إلى رئيس موظفين ندّ: ما كان يمثّله جيمس بيكر بالنسبة لجورج إتش دبليو بوش أو هاورد بيكر بالنسبة لرونالد ريجان. 
ثانياً: ينبغي للرئيس أن يركز على الاحتياجات الأميركية، وليس على الرغبات الليبرالية. 
كلا، إن الاثنين ليسا مترادفين. فتعميم مرحلة ما قبل الروضة قد يكون فكرة تحظى بشعبية واسعة. ولكنّ الأميركيين أمضوا العامين الماضيين يعانون عدم قدرة الحكومة على تلبية احتياجاتهم الأساسية: الصحة العامة، استقرار الأسعار، شوارع آمنة، حدود آمنة، سلاسل إمداد فعالة، ومدارس عامة تفتح أبوابها في وجه الأطفال. 
صحيح أن ليس كل ذلك من مسؤولية الجهاز التنفيذي، ولكن لماذا أوكل بايدن موضوع الحدود لنائبة الرئيس الأقل أهلية للنهوض بمثل هذه المهمة الجسيمة؟ ولماذا يعيّن ليبرالياً مؤدلجاً في «الاحتياطي الفيدرالي» في وقت يشهد فيه الاقتصاد تضخماً متزايداً؟ ولماذا كشف عن حزمة من التدابير التي تهدف إلى محاربة الجريمة في يونيو الماضي ثم تخلى بعد ذلك عن الموضوع بشكل كامل تقريباً؟
ينبغي للرئيس أن يبين أنه متقدم على هذه المشاكل بخطوة، ولكنه حتى الآن متأخر عنها دائماً بخطوة. 
ثالثاً: على الرئيس أن يتذكر أنه فاز في الانتخابات باعتباره معتدلاً وموحِّداً.
حتى الآن، يقارَن أداء بايدن أحياناً بأداء جيمي كارتر. ولكن ربما مصدر المقارنة الأفضل هو بيل كلينتون، الذي ترشح كوسطي، ثم مال يساراً في عامه الأول، ورأى أهم تشريع له خلال رئاسته يُنسف في الكونجرس، وتعرض لإذلال في الصومال - ثم عرف كيف يسيطر على الوسط من جديد وينقذ رئاسته. 
الليبراليون دعوا إلى إجراء تصويت بشأن «إعادة البناء بشكل أفضل»، كما لو أن عملية انتحارية ستُكسبهم مكاناً ضمن قاعة مجدٍ تقدمية مستقبلاً. والحال أنه يجدر ببايدن أن تجاوز الهزيمة وإعداد مسودة تشريع جذابة لكلا الحزبين، ومن ذلك مثلاً مسودة تشريع لتقنين شركات التكنولوجيا الكبرى، أو مشروع قانون يقايض قدراً أكبر من الأمن على الحدود بالمواطنة لـ«الحالمين» (المهاجرون غير الشرعيين الذين وصلوا إلى الولايات المتحدة كقاصرين)، ويمكن أن يحدّ أيضاً من التقدم الذي يحققه الحزب الجمهوري بين الناخبين الهسبان.
4. الرئيس فاز بالمنصب أيضاً كراعٍ موثوق للقوة الأميركية.
ولكنه ليس كذلك. فأرقام بايدن في استطلاعات الرأي لم تتعافَ أبداً من انسحاب من أفغانستان وصفه بأنه «نجاح استثنائي» واعتبره معظم الأميركيين إذلالاً وطنياً. 
والآن تواجه الإدارة حالتي طوارئ في السياسة الخارجية على المدى القريب. الأولى تتعلق بالمفاوضات النووية مع إيران والتي تَعد إما باتفاق سيئ أو لا اتفاق على الإطلاق. أما الثانية، فتتعلق بغزو روسي ممكن لأوكرانيا يمكن أن يتحول إلى إخفاق كارثي بالنسبة لحلف «الناتو». 
قد يكون بايدن تواقاً لقبول أي اتفاق يمكن أن يتوصل إليه، ولكن عليه أن يحذر التعثر والسقوط في عالم حيث خصومنا لا يخشوننا، وحلفاؤنا لا يثقون فينا، والأميركيون يخلصون إلى أن رئيسهم ضعيف. ولهذا، على الولايات المتحدة أن تقابل تعبئة روسيا لقواتها على حدود أوكرانيا بعمليات نشر واسعة للقوات الأميركية في البلطيق وبولندا. وعلى إيران أن تعلم أن هناك حداً حاداً للتسامح الأميركي مع سياسة حافة الهاوية النووية التي تتبناها. 

ينشر بترتيب خاص مع خدمة «نيويورك تايمز»